عنهم من بعده واختلفوا في أحكام الدين. فلم يفترقوا ولم يصيروا شيعًا. لأنهم لم يفارقوا الدين ونظروا فيما أذن لهم فاختلفت أقوالهم وآراؤهم في مسائل كثيرة مثل مسألة الحد والمشركة وذوي الأرحام ومسألة الحرام وفي أمهات الأولاد، وغير ذلك مما يكثر تعداده من مسائل البيوع والنكاح والطلاق، وكذلك في مسائل كثيرة من باب الطهارة وهيآت الصلاة وسائر العبادات فصاروا باختلافهم في هذه الأشياء محمودين وكان هذا النوع من الاختلاف رحمة من الله لهذه الأمة حيث أيدهم باليقين.

ثم وسع على العلماء النظر فيما لم يجدوا حكمة في التنزيل وللسنة فكانوا مع هذا الاختلاف. أهل مودة ونصح، وبقيت بينهم أخوة الإسلام ولم ينقطع عنهم نظام الألفة، فلما حدثت هذه الأهواء المردية الداعية صاحبها إلى النار، ظهرت العداوة وتباينوا وصاروا أحزابًا فانقطعت الأخوة في الدين، وسقطت الألفة، فهذا يدل على أن هذا التباين والفرقة، إنما حدثت من المسائل المحدثة التي ابتدعها الشيطان، فألفاها على أهواء أوليائه، ليختلفوا ويرمي بعضهم بعضًا بالكفر.

فكل مسألة حدثت في الإسلام فخاض فيها الناس فتفرقوا واختلفوا فلم يورث الاختلاف بينهم عداوة ولا بغضًا ولا تفرقًا وبينهم بقيت الألفة والنصيحة والمودة والرحمة والشفقة علمًا أن ذلك من مسائل الإسلام، يحل النظر فيها، والأخذ بقول من تلك الأقوال لا يوجب تبديعًا ولا تكفيرًا، كما ظهر مثل هذا الاختلاف بين الصحابة والتابعين، مع بقاء الألفة والمودة، وكل مسألة حدثت فاختلفوا فيها، فأورث اختلافهم في ذلك التولي والإعراض والتدابر والتقاطع وربما ارتقى إلى التكفير، علمت أن ذلك ليس في أمر الدين في شيء بل يجب على كل ذي عقل أن يجتنبها ويعرض عن الخوض فيها لأن الله شرط تمسكنا بالإسلام أنا نصبح في ذلك إخوانًا و

طور بواسطة نورين ميديا © 2015