ويقبل قوله إذا رجع، وربما أقدم عليهم بالقتل والنهب بقوله وحده.

ومن تدبر أمور النبي صلى الله عليه وسلم وسيره وسيرته، لم يخف عليه ما ذكرنا، وما يرد هذا إلا معاند مكابر، ولو أنك وضعت في قلبك أنك سمعت الصديق أو الفاروق أو غيرهما من وجوه الصحابة رضي الله عنهم يروى لك حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم في أمر من الاعتقاد مثل جواز الرؤية على الله تعالى، أو إثبات القدر. أو غير ذلك، لوجدت قلبك مطمئنًا إلى قوله: لا يتداخلك شك في صدقة، وثبوت قوله.

وفي زماننا هذا: ترى الرجل يسمع من أستاذه الذي يختلف إليه ويعتقد فيه التقدمة والصدق أنه سمع أستاذه يخبر عن شيء من عقيدته التي يريد أن يلقى الله تعالى بها ويرى نجاته فيها، فيحصل للسامع علم بمذهب من نقل عنه أستاذه ذلك، بحيث لا يختلجه شبهة، ولا يعتريه شك، وكذلك في كثير من الأخبار التي قضيتها العلم يوجد بين الناس فيحصل لهم العلم بذلك الخبر، ومن رجع إلى نفسه علم ذلك.

واعلم أن الخبر وإن كان يحتمل الصدق والكذب، وللظن والتجوز فيه مدخل، ولكن هذا الذي قلناه لا يناله أحد إلا بعد أن يكون معظم أوقاته وأيامه مشتغلًا بعلم الحديث، والبحث عن سيرة النقلة والرواة، ليقف على رسوخهم في هذا العلم، وكنه معرفتهم به، وصدق ورعهم في أحوالهم وأقوالهم، وشدة حذرهم من الطغيان والزلل، وما بذلوه من شدة العناية في تمهيد هذا الأمر، والبحث عن أحوال الرواة. والوقوف على صحيح الأخبار وسقيمها. ولقد كانوا رحمهم الله، وأنزل رضوانه عليهم، بحيث لو قتلوا لم يسامحوا أحدًا في كلمة يتقولها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا فعلوا هم بأنفسهم ذلك، وقد نقلوا هذا الدين إلينا كما نقل إليهم، وأدوا على ما أدى إليهم، وكانوا في صدق العناية والاهتمام بهذا الشأن بما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015