وإنما قصد بإرسال إلى هؤلاء الملوك والكتاب إليهم؟ الدعوة في جميع الممالك ودعاء الناس عامة إلى دينه على حسب ما أمره الله تعالى بذلك، فلو لم يقع العلم بخبر الواحد من أصحابه في هذا الأمر وكذلك في أمور كثيرة اكتفى "صلى الله عليه وسلم" بإرسال الواحد من أصحابه، منها أنه "صلى الله عليه وسلم" بعث عليًا رضي الله عنه لينادي في الموسم بمنى: ألا لا يحجن بعد العام مشرك ولا يطوفن بالبيت عريان ومن كان بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد فمدته إلى أربعة أشهر ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة.
ولابد في هذه الأشياء من وقوع العلم للقوم الذين كان يناديهم حتى إن أقدموا على شيء من هذا بعد سماع هذا القول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مبسوط العذر في قتالهم. وكذلك بعث معاذًا رضي الله عنه إلى اليمن ليدعوهم إلى الإسلام ويعلمهم إذا أجابوا شرائعه. وبعث إلى أهل خيبر في أمر القتيل واحدًا يقول لهم: إما أن تؤدوا أو تؤذنوا مجرب من الله ورسوله. وبعث إلى قريظة أبا لبابة بن عبد المنذر يستنزلهم على حكمه وجاء أهل قباء واحد وهم في مسجدهم يصلون فأخبرهم بصرف القبلة إلى المسجد الحرام فانصرفوا إليه في صلاتهم واكتفوا بقوله.
ولا بد في مثل هذا من وقوع العلم به وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرسل الطلائع والجواسيس في ديار الكفر ويقتصر على الواحد في ذلك