وقال إسحق بين إبراهيم الحنظلي: اعلموا أن أتباع الكتاب والسنة - أسلم، والخوض في أمر الدين بالمنازعة والرد حرام. والاجتناب سلامة. وأر جو أن يجوز القياس على الأصل الثابت من العالم الفطن المتيقظ ولا تكاد تجد شيًا من تأويل الكتاب مخالفًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، إذا صحت الرواية وعامة تاركي العلم والسنة وأصحاب الأهواء والرأي والمقاييس لثقل السنة عليهم ولا أعرف حديثين يخالف أحدهما الآخر، ولكل ما روي من الأحاديث المختلفة معان يعلمها أهل العلم بها.
فهذا الذي نقلناه طريقة السلف وما كانوا عليه.
واعلم أن الأئمة الماضين وأولى العلم من المتقدمين لم يتركوا هذا النمط منم الكلام وهذا النوع من النظر عجزا عنه، ولا انقطاعًا دونه. وقد كانوا ذوي عقول وافرة وأفهام ثاقبة. وقد كانت هذه الفتن قد وقعت في زمانهم، وظهرت، وإنما تركوا هذه الطريقة، وأضربوا عنها لما تخوفوه من فتنتها وعلموه من سوء عاقبتها وسئ مغبتها، وقد كانوا على بينة من أمورهم وعلى بصيرة من دينهم، لما هداهم الله بنوره، وشرح صدورهم بضياء معرفته، فرأوا أن فيما عندهم من علم الكتاب وحكمته، وتوقيف السنة وبيانها غناء. ومندوحة عما سواها، وان الحجة قد وقعت وتمت بهما، وأن العلة والشبهة قد أزيحت بمكانهما.
فلما تأخر الزمان بأهله وفترت عزائمهم في طلب حقائق علوم الكتاب والسنة، وقلت عنايتهم بها، واعترضهم الملحدون بشبههم، والطاعنون في الدين بجدلهم، حسبوا أنهم لم يردوهم عن أنفسهم بها النمط من الكلام ودلائل العقل، لم يقووا عليهم، ولمي ظهروا في الحجاج عليهم، فكان ذلك ضلة من الرأي، وخدعة من الشيطان. فلو سلكوا سبيل القصد، ووقفوا