أقدرك على ذلك، ولكني أسكت كما سكت القوم قبلي، وأنشد شعرًا قيل من أكثر من عشرين سنة:
أأتعد بعد ما رجفت عظامي *** وكان الموت أقرب ما يليني
أجادل كل معترض خصيم *** وأجعل دينه غرضًا لديني
وأترك ما علمت لرأي غيري *** وليس الرأي كالعلم اليقيني
وما أنا والخصومة وهي لبس *** تصرف في الشمال وفي اليمين
وقد سنت لنا سنن قوام *** يلحن بكل فج أو وجين
وكان الحق ليس به حفاء *** أغر كغرة العلق المبين
وما عرض لنا منهاج جهم *** بمنهاج ابن آمنة الأمين
فأما ما علمت فقد كفاني *** وأما ما جهلت فجنبوني
فلست مكفرًا أحدًا يصلي *** ولم أجرمكموا أن تكفروني
قال مصعب: رأيت أهل بلدنا- يعني أهل المدينة- ينهون عن الكلام في الدين. قال مصعب: وبلغني عن مالك بن أنس أنه كان يقول: الكلام في الدين كله أكرهه، ولم يزل أهل بلدنا يكرهونه. ولا أحب الكلام إلا فيما كان تحته عمل. وأما الكلام في الله: فالسكوت عنه، لأني رأيت أهل بلدنا ينهون عن الكلام في الدين إلا ما كان تحته عمل. وأخرج عن سفيان ابن عيينه أنه كان ينشد قول ابن شبرمة:
إذا قلت جدوا في العبادة واصبروا *** أصروا وقالوا الخصومة أفضل