الخاصة والعامة، حتى تقابلت الشبه في الحجج، وبلغوا من التدقيق في اللجج، فصاروا أقرانًا وأخدانًا، وعلى المداهنة خلانًا وإخوانًا، بعد أن كانوا في الله أعداء وأضدادًا، وفي الهجرة في الله أعوانًا، يكفرونهم في وجوههم عيانًا، ويلعنونهم جهارًا. وشتان ما بين المنزلتين، وهيهات ما بين المقامين.
ونسأل الله أن يحفظنا من الفتنة في أدياننا، وأن يمسكنا بالإسلام والسنة، ويعصمنا بهما بفضله ورحمته، إنه على ما يشاء قدير. فهلم الآن إلى تدين المتبعين، وسيرة المتمسكين، وسبيل المقتدين بكتاب الله وسنته، والمتأدبين بشرائعه وحكمته الذين قالوا {ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين} وتنكبوا سبيل المكذبين بصفات الله وتوحيد رب العالمين. فاتخذوا كتاب الله إمامًا وآياته فرقانًا. ونصبوا الحق بين أعينهم عيانًا، وسنن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- جنة وسلاحًا. واتخذوا طرقها منهاجًا، وجعلوها برهانًا فلقوا الحكمة. ووقوا من شر الهوى والبدعة لامتثالهم أمر الله تعالى في إتباع الرسول، وتركهم الجدال بالباطل ليدحضوا به الحق. يقول الله تعالى فيما يحث على إتباع دينه، والاعتصام بحبله والاقتداء برسوله- صلى الله عليه وسلم- {واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانًا. وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون}. وقال تبارك وتعالى {واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم}. وقال تعالى {وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون}