ومن أعرض عنها. وابتغى الحق في غيرها مما يهواه، أو يروم سواها فيما تعداه أخطأ فيما اختار بغيته وأغواه، ومسك به سبل الضلالة، وأرداه في مهاوي الهلكة فيما يعترض على كتاب الله وسنة رسوله، بضرب الأمثال، ودفعها بأنواع المحال، والحيد عنهما بالقيل والقال، مما لم ينزل الله به من سلطان ولا عرفه أهل التأويل واللسان. ولا انشرح له صدر موحد عن فكر أو عيان. فقد استحوذ عليه الشيطان. وأحاط به الخذلان، وأغراه بعصيان الرحمن، حتى كابر نفسه بالزور والبهتان، فهو دائب الفكر في تدبير مملكة الله بعقله المغلوب، وفهمه المقلوب، بتقبيح القبيح من حيث وهم، أو بتحسين الحسن بظنه، فهو راكض ليله ونهاره في الرد على كتاب الله وسنة رسوله، والطعن عليهما ومخاصمًا بالتأويلات البعيدة فيهما أو مسلطًا رأيه على ما لا يوافق مذهبه بالشبهات المخترعة الركيكة، حتى يتسق الكتاب والسنة على مذهبه وهيهات أن ينفق. ولو أخذ سبيل المؤمنين وسلك مسلك المتبعين، لبنى مذهبه عليهما واقتدى بهما، ولكنه مصدود، وعن الخير مصروف، فهذه حالته إذا نشط للمحاورة في الكتاب والسنة.
فأما إذا رجع إلى أصله، وما بنى بدعته عليه اعترض عليهما بالجحود والإنكار، وضرب بعضها ببعض من غير استبصار، واستقبل أجلهم بهت الجدل والنظر من غير اتفكار. وأخذ في الهزء والتعجب من غير اعتبار، استهزاء بآيات الله وحكمته، واجتراء على دين رسول الله وسنته، وقابلهما