بصير بالجدل، وهو عندها ضال مضل، وكذلك لا تأمن أن تكون هي عند الله كذلك، وإن أبصرت الجدل والخصومة، فإن اتهمت نفسها على الآراء والتأويل، وتثبتت عند المتشابه فقضت بالمحكم عليه، وأوقفت فيما لم يجعل لها النظر فيه. ولم تخرج عن إجماع من مضي زالت عنها غرتها وثابت إلى ربها من ضلالها.
وأما الفرقة المصيبة للحق مع غرتها (عن الله)، بالخصومات والجدل عما هو أولى بها، فإنما تنفي غرتها بذلك، بأن تعلم أن الله تعبد من مضي بما تعبدها. وقد أدرك كثير منهم أهل البدع والأهواء فما جعل عمره ولا دينه غرضًا للخصومات، ولا اشتغل بذلك عن النظر لنفسه والعمل ليوم فقره، إلا أن يرى موضع حاجة يظن أنه إن تكلم بالحق قبل منه. فيقول بالحق ويحذر أن يخطي على الله فيرد الباطل بالباطل، فكانوا على ذلك، وذموا الجدل والخصومات.
ورووا ذلك عن النبي- صلى الله عليه وسلم- رواه عنه أبو أمامة أنه قال: ما ضل قوم قط إلا أوتوا الجدل. وذم الله تعالى ذلك فقال {ألد الخصام} وقال لقريش {بل هم قوم خصموم} فذم المراء والجدل فليرجع إلى نفسه، فيقول لها: إنما تدعينني إلى الإتباع والسنة بجدلك لأهل الأهواء ودعائك لهم بالجدل، والمراء ترك السنة، لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- نهى بسنته عن الجدل والخصومات وغضب على أصحابه حتى كأنما فقئ في