إن من يسمعه يقول إنه أحمق أو كاذب. ومثله مثل هؤلاء «المغنّين» الذين يسمون أنفسهم قُرّاء (وما هم بالقراء) يتلون آية العذاب من كتاب الله التي تَقْشَعِرّ لها الجلود بصوت مَرِح ونغمة مرقِّصة، ويتلون آية البشرى والنعيم بنغمة حزينة وصوتٍ باك.
وإن من أمارات الحكم على شخصية إنسان لهجة كلامه، فمَن كان يتكلم بصوت هادئ ولهجة متّزنة وحروف واضحة كانت له شخصية المهذَّب النبيل، ومن كان مرتفع الصوت حادّ اللهجة، يتشدّق في كلامه أو يَمطّ الحروف لم تكن له هذه الشخصية. وقد ترى امرأة جميلة الوجه وأخرى دونها جمالاً، ثم تسمع كلامها فتجد صوت الأولى خشناً ولهجتها قاسية وهي مسترجلة في نطقها، وتجد للثانية صوتاً رقيقاً ولهجة ناعمة ونغمة حَيِيّة، فيزيد في عينيك جمالُها حتى لَتجدها أجمل من صاحبتها، بل ربما شوّه كلامُ الأولى صورتَها في بصرك حتى رأيت جمالها قبحاً.
قال صاحبي: لقد اكتملت المقالة.
قلت: نعم، وكان موضوعها جديداً، هو «فن الكلام».
* * *