ولم يسمع أحدٌ في دمشق بالرادّ، بل لم يكن قد وُجد يومئذ، ولا بالهاتف الآلي، ولا بمواقد الغاز، ولا بالغسّالات والبرّادات، ولم يركب أحد من أهل دمشق الطيارات.
ما كان في دمشق شيء من مظاهر هذه الحضارة النافعة، وما كان فيها كذلك شيء من أوْضارها ولا أضرارها، لا ملاهي ولا فسوق ولا إلحاد ولا تكشف، وكان الناس ينامون من بعد العشاء ويفيقون من قبل الشمس. وكانت المساجد ممتلئة والدروس فيها حافلة، وكان العلماء عاملين بعلمهم، يريدون به وجه الله لا يطلبون به الدنيا، وكان الناس يرجعون إليهم في شؤون دينهم ودنياهم.
هذه دمشق سنة 1918، ذكّرتني بها هذه الأنقاض، فهل كانت خيراً أم ما نحن فيه هو الخير؟ هل خسرنا في هذه السنين الأربعين أم ربحنا؟
أما أنت يا مدرستي فعليك وعلى أساتذتي فيك وعلى رفاقي سلام الله ورحمته وبركاته.
* * *