كان له وحده من السلطان ما يقتسمه اليوم أربعةُ وزراء للمعارف في أربع دول، هي سوريا ولبنان والأردن وفلسطين.
وكان يحكم الشامَ الأتراكُ، لا أعني محمداً الفاتح وسليمان وأولئك السلف الصالح الذين حملوا راية الهدى إلى أسوار فينا، بل الخلف الفاجر: الاتحاديين الملحدين. وكان الأمر لجمال السفاك، فكنا نحن الصغار نرتجف هلعاً إذا ذكر فينا اسمه.
فأصبحنا يوماً فإذا الأرض غير الأرض والناس غير الناس؛ لقد دالت دولة الأتراك واختفت رايتهم الحمراء ذات الهلال، وجاءت دولة جديدة لها راية مربعة الألوان. وغدونا على المدرسة، وكانت في دار العابد في سوق صاروجا (?)، فإذا المدرسة قد أغلقت، وافتتحت مدرسة ثانوية جديدة باسم «المدرسة السلطانية الثانية» (?)، وكان مقرها في هذه الغرف التي تَمْثُل أطلالها اليومَ شواخِصَ في صحن الجامع، ودخلتُ إليها فوُضعت في الصف الرابع بعد أن كنت في الخامس.
إني لا أذكر من رفاقي فيها إلا ثلاثة كانوا في صفي، هم عبد الحكيم مراد المحامي، وصلاح الدين شيخ الأرض المهندس، وحسن السقا الكيميائي. أما المعلمون فأنا أذكر منهم حسني كنعان والتكريتي وجميل مراد، وكانوا يومئذ في مطلع الشباب، والشيخ محمداً النابلسي رحمه الله. وكان مدير القسم الابتدائي شريف آقبيق، ومدير الثانوي سعيد مراد رحمه الله.