على النيل! لا، بل هو ذنبي وذنب كل واحد منكم وذنب الكُتّاب وأولي الأمر، إنهم لم يعلموا هؤلاء الأمهات النظافة، ولم يقل لهن أحد إن النظافة لازمة والوساخة مؤذية. ومن يقول لهن، وهن شحّادات على الطرقات، لا يكلمنَ أحداً بغير السؤال ولا يكلمهن أحدٌ أبداً؟
وما يدريني أن ابنتي أو ابنة أحدكم (لا سمح الله) ستلقى مثل هذا المصير؟ مَن منا أخذ على الدهر عهداً أن لا يزيل عنه نعمة؟ هل أَمِنّا المرض والفقر؟ هل أوقفنا حركة الفلك؟
وهل نسينا أن في الوجود إلهاً وأن بعد الدنيا آخرة؟ فكيف سوّغنا لأنفسنا -مع هذا كله- إهمالَ هذه «الإنسانية» الصغيرة المبرَّأة الطاهرة؟ لقد كان فينا مقلّدون متحذلقون ألّفوا جمعيات للرفق بالحيوان، ولكن لم ينشأ فينا إلى اليوم من يؤلف جمعية للرفق بالإنسان؟ لقد بلغ الخزي من نفوسنا أن وُجد فينا أناس يطعمون الكلاب المدللة اللحم السمين والشكلاطة الغالية، وحولهم بشر لا يأكلون اللحم مرة في الشهر ولا يتذوقون الشكلاطة أبداً!
* * *
إذا شئتم أن تذوقوا أجمل لذائذ الدنيا وأحلى أفراح القلوب، فجودوا بالحب وبالعواطف كما تجودون بالمال.
* * *