والحب عاطفة عابرة تدوم ما دامت الرغبة والامتناع، فإن زال أحدهما زالت، فإن كان «اللقاء» لم يبقَ حب، لأنه يختنق تحت اللحاف! ومن هنا يستبين لك أن الزواج إنْ بُني على الحب وحده لم يكن فيه خير، ولو أن المجنون تزوج ليلى زواج عاطفة فقط، بلا مراعاة مصلحة ولا نظر في كفاءة، لكان بينهما بعد ثلاث سنين «دعوى تفريق»!
* * *
فإذا جئت علماء الحياة وجدت للحب عندهم منزلة أدنى ورتبة أخَسّ، الحب عندهم غريزة جعلها الله في نفس الإنسان لئلا ينقرض ويمّحي؛ فالجوع منبّه له ليأكل فيبقي شخصه، والحب (أو الرغبة) منبّه له ليعمل على ما يبقي نوعه، أو هو شيء أبسط (?) من ذلك وأحقر؛ تمتلئ المثانة فيذهب المرء ليبول، وتمتلئ الحويصلة بالسائل الآخر فيذهب لـ «يعمل»! لا فرق في ذلك بين المجنون وليلى وبول وفرجيني، وبين الحمار والأتان والديك والدجاجة، وبين تلاقح الزهر والورد ... وسواء بعد ذلك كل «إناء» يلقى فيه هذا الماء!
والمقصود في الحقيقة من الحب هو بقاء النسل، وكلما علا الحيّ منزلةً قَلَّ اللقاء وطال الحمل. الديك والدجاجة يجتمعان كل يوم لأن مدة الحمل بالبيضة ليلة، أما الهرّ والهرّة فيجتمعان مرة في السنة أو مرتين لأن الهرّة تلد مرة في السنة أو مرتين. ولولا المُغريات في الناس لكفى بين نوعَي البشر اجتماعٌ مرة في العام!