-3 -
هذا هو الحب عند الأدباء، فما الحب عند النفسيين؟ أنا أقول لكم ما الحب عند النفسيين.
لا يرى النفسي في الحب إلا رغبة في متاع الجسد قابلَها امتناعٌ وإباء، فاشتدّت وامتدّت، وكانت بين الرغبة والامتناع شرارة كالتي تكون بين سلكي الكهرباء، وهذه الشرارة هي «الحب». ما الحب إلا «شهوة» لم تُقضَ ورغبة لم تتحقق، وكل ما يقول المُحبون العُذريّون وهْمٌ وضلال. يقولون إنهم لا يطلبون إلا المجالسة والكلام، ولو كانت مجالسة وكلام لطلبوا لمسة اليد وقبلة الخد، ولو كانتا لطلبوا العناق والضم ورشفة الفم ... كصاعد الجبل، يرى الذروة أمامه فيحسبها القمّة التي لا شيء فوقها، فإذا بلغها تكشفت له ذروة أعلى. إنها سلسلة لها حلقات متصلات، ما أمسكتَ بواحدة منها إلا جرَّتْ معها التي بعدها، حتى تصل إلى آخر حلقة فيها:
نظرةٌ فابتسامةٌ فَسَلامُ ... فكلامٌ فموعِدٌ فلقاءُ
فالمحكمةُ الشرعية لعقد العقد أو محكمة الجنايات لتلقّي العقوبة. هذه هي سنّة الله؛ ما جعل الله طريقاً للصداقة بين الشاب القوي والصبية الحسناء. لا، ولا بين الكهل والشَّوهاء؛ لا صداقةَ قَطّ بين رجل وامرأة، ما بينهما إلا الحب المُفضي إلى «الاجتماع ...». إن الصداقة صلة بين متشابهين، بين الرجل والرجل وبين المرأة والمرأة، والحب صلة بين مختلفين ليتكاملا به فيغدوا بالحب كالكائن الواحد.