لقبلة! كلمة «الحب». ولكن كم بين حب وحب! بين حب التلميذ مَدرستَه، وحب الوالد ولدَه، حب الصديق صديقَه، وحب المتشائم الوَحْدةَ، وحب أكلة من الأكلات وحب منظر من مناظر الطبيعة وحب كتاب من الكتب ... وبين حب المجنون ليلاه.
وحب العاشقين أنواع وأنواع. ففي أي الحب أتحدث؟ وكيف أجمع أطراف الكلام حتى أحشره في هذه الصفحات، ولو لبثت شهراً أكتب كل يوم فصلاً ما أتيت على ما في نفسي ولما وفّيت حقه الموضوع؟
-2 -
ولكني مع ذلك سأحاول، أحاول أن أكتب في الحب وقد تقضّى الصبا وتولى الشباب. وما كان يوماً يملأ القلب صار ذكرى لا تكاد تخطر على البال. لقد كنت -إذ أكتب في الحب- أغرف من مَعين في نفسي يتدفق، فجفّ النبع حتى ما يَبَضُّ بقطرة، وخلا الفؤاد من ألم الهجر وأمل الوِصال، وبطل سحر الغيد، وطمست شمس الحقيقة سُرُجَ الأباطيل.
ولو أني بُليت بحب جديد لأعاد لي الحب أيامي التي مضت. والحب يصنع المعجزة التي تتقطع دونها آمال البشر؛ يعيد للمحب ماضيات الأيام، ويرجع له خوالي الليالي، ويردّ الكهلَ فتى والفتى طفلاً. وأين مني الحب؟ لم يعد ينقصني بعد السن والتجربة إلا أن يتعبّدني الحب وأن أعود إلى تلك الحماقات! أعوذ بالله من الجنون بعد العقل! كلا، «ما أنا من دَدٍ ولا دَدٌ