كأنما أيقظني موقظ، وذهبت أقوم، ومددت يدي (وكان النوم آخذاً بمعاقد أجفاني) فأحسست برودة الجو ودفء الفراش، فاسترخى جسدي، وحُبِّبَ إليّ النوم واجتمعت فيه رغباتي كلها، وسمعت كأن هاتفاً يهمس في أذني يقول: الوقت فسيح والليل طويل، والفراش دافئ والجو بارد، فنَمْ ساعة.
فاستجبت له، فجاء آخر يقول لي: قُمْ، نفِّذْ ما عزمت عليه وتوكل على الله، واذكر ثواب الصبر على الطاعة وعذاب الإقدام على المعصية. ولو أن رجلاً أدنى منك جمرة أو جاءك بمئة ليرة لوثبت من الفراش، فكيف لا تبالي بجهنم كلها وأنت تخاف الجمرة، ولا تحفل الجنةَ بنعيمها وأنت ترجو مئة ليرة؟
فعاد الأول يقول: تريث لحظة، وانقلب على جنبك الآخر.
واشتدت عليّ هذه الرغبة حتى لقد أحسستها في أعضائي كلها، فانقلبت فإذا أنا أشعر لمعاودة المنام على ذلك الجانب بلذة لا تعدلها اللذاذات. فرجع الثاني يقول: ويحك! هذا هو الشيطان يصرفك عن الصلاة، فاستعذ بالله منه.
وصرت بين «نم» و «قم» تترددان عليّ كدقات الساعة: نم، قم، نم، قم، نم، قم ...
وكنت أعرف من علم النفس أن هذا التردد لا آخر له، وسيظل حتى أستغرق في النوم أو يطلع الفجر، فإذا لم أَثِبْ عند كلمة «قم» لم أقم أبداً. وقلت: أعوذ بك يا ربّ من الشيطان وأسألك العون عليه، وتوجهت بقلبي إلى الله، فلما ذكرت الله رأيت الشيطان قد خنس وانقطع عني وسواسه، ولم يبقَ إلاّ