فلا تسأل ما السر، ولكن جاهد في سبيل الله وناضل عن الحق، ولا تخف الموت في جهادك ونضالك لأن الأجل محدود، فقد تعيش مئة سنة ولو خضت غمرات الموت. فاعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لأخراك كأنك ميت غداً، فتكون قد ضمنت لنفسك الدنيا والآخرة، وهذي حكمة من حِكَم القدر.
* * *
فالإيمان بالقدر حياة لأنه يفتح لك في كل ظلمة شعاعَ ضياء، وفي كل عسرة بابَ رجاء، ولولا الرجاء لمات المريض من وهمه قبل أن يُميته المرض، ولقُتل الجندي في الحرب من خوفه قبل أن يقتله العدو، ولولا الرجاء ما كانت الحياة.
ولو تُركت الأمور لاحتمالات العقل وقوانين المادة لما استطعت أن تتنفس الهواء أو تشرب الماء خشيةَ أن تكون فيه جرثومة داء، ولا ركبت سيارة لاحتمال أن تُصطدم، ولا صعدت بناء لإمكان أن ينهدم، ولما استولدتَ ولداً لأنه قد يموت، ولا اتخذت خليلاً لأنه قد يخون، ولما اطمأننت على مال لأنه قد يُسرق، ولا دار لأنها قد تُحرق.
والإيمان بالقدر راحة، لأنه لو كان الفشل من عملك وحدك وكان النجاح من صنع يدك لقطعت نفسك أسفاً إن فشلت أو سُبِقت.
والإيمان بالقدر عزاء، لأنك إن قُدر عليك بالمصاب بولد فاحمد الله، ففي الناس من أصيب بولدين، وإن خسرت ألفاً