ومن يدري؟ فلعل في بطن هذه البقعة المهجورة قلباً كان يمكن أن يفيض منه النور السماوي، ويداً كان يمكن أن تدير دفّة المركب السياسي، وأصابع كان يمكن أن تمشي على أوتار القيثارة الخالدة فتنشئ النغم السحري، لولا أن العلم لم يفتح أمامها صفحاته الحافلة بثمرات الزمان.
* * *
أخمد النسيانُ جذوةَ أرواحهم النبيلة، وأجمد نهرَ حياتهم الجارية، وطغا عليهم لجّ الزمان. ولكن، كم في جوف البحر من جواهر مخبوءة ولآلئ مجهولة، وكم في عرض البادية من وردة تفتحت واحمرَّتْ فلم يَرَها أحد، فضاع أريجها العطر في رياح الصحراء.
ومن يدري؟ فلعل هنا بطلاً كهامبْدِن، كان حاكماً في حقوله مطلقاً وكان جباراً شجاعاً، ولعل هنا مِلْتون آخر ولكنه صامت مغمور، ولعل هنا كرومْوِل، ولكنه كرومْوِل بريء من دم أبناء الوطن (?).
* * *