ودل على أن يقصروا في السفر بلا خوف إن شاء المسافر، وأن عائشة قالت: كل ذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أتم في السفر وقصر"1.
وقد روى أبن مردويه عن ابن عمر أنه قال: الركعتين في السفر رخصة نزلت من السماء فإن شئتم فردوها2.
وحديث عمر بن الخطاب هذا أولى بالقبول لأنه لا يحتمل كما يحتمل قول عائشة فإن فيه التصريح بأنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية الكريمة فقال: "إن القصر في السفر رخصة وكان مشرطاً في بداية الإسلام بالسفر والخوف وبعد ذهاب الخوف هي هدية من الله فمن شاء قبلها, ومن شاء ردها بينما يحتمل قول عائشة رضي الله عنها بأن يكون ذلك من فقهها أو اجتهادها كما قال العياض وغيره. قال البغوي قوله – صدقة تصدق الله بها عليكم – دليل على أن القصر رخصة وإباحة لا عزيمة"3.
2-حديث انس بن مالك (رجل من بني عبد الله بن كعب) .
قال أغارت علينا خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدته يتغذى فقال: "أدن فكل".فقلت أني صائم فقال: "أدن أحدثك عن الصوم أو الصيام إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة, وعن الحامل والمرضع الصوم أو الصيام".والله لقد قالها النبي صلى الله عليه وسلم كليهما أو أحدهما. فيا لهف نفسي أن لا أكون طعمت من طعام النبي صلى الله عليه وسلم 4.
قال الترمذي: "حديث أنس بن مالك الكعبي حديث حسن ولا نعرف لأنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث الواحد. انتهى. نقل المنذري تحسين الترمذي وأقره.
وأنس بن مالك هو القشيري الكعبي الأنصاري المشهور الذي خدم النبي صلى الله عليه وسلم وكان أحد المكثرين من الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي الحديث دليل صريح لمن قال بأن الصلاة في السفر لم تفرض ركعتين وإلا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة. فكان الأصل هو الاتمام والقصر رخصة من الله.