ولا دليل لهم في حديث أنس، قال: "صليت الظهر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة أربعاً، وخرج يريد مكة فصلى بذي الحليفة العصر ركعتين"1. لأنه على ابتداء القصر، وجميع الأحاديث التي ذكروها تحمل على ذلك.
3- وذهب الشافعي ومالك وفقها، أصحاب الحديث وغيرهم: إلى أنهم لا يجوز القصر إلا في مسيرة مرحلتين قاصدتين وهي ثمانية وأربعون ميلاً هاشمياً. والميل ستة آلاف ذراع، والذراع أربع وعشرون أصبعاً معترضة معتدلة، والإصبع ست شعيرات معتدلات.
وروى مثل هذا ابن قدامة عن الإمام أحمد أيضاً، وقدره هذه المسافة بمسيرة يومين وهو تقدير ابن عباس فإنه قدر مسيرة يومين من عسفان إلى مكة ومن الطائف إلى مكة ومن جدة إلى مكة.
أخرج عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء أنه قال: "سألت ابن عباس فقلت أقصر الصلاة إلى عرفة أو إلى منى قال: لا، ولكن إلى الطائف وإلى جدة، ولا تقصروا الصلاة إلا في اليوم التام ولا تقصروا فيما دون اليوم. فإن ذهبت إلى الطائف أو إلى جدة أو إلى قدر ذلك من الأرض، إلى أرض لك أو ماشية فاقصر الصلاة فإذا قدمت فأوف".
ولكن هذه الرواية مخالفة لرواية مسيرة يومين التي أشار إليها ابن قدامة.
هذا هو مذهب المعروف عن الأئمة الثلاثة جميعاً قالوا لا تقصر الصلاة الإ في مسير يومين كما نقله النووي والحافظ والبغوي. إلا أن صاحب الهداية نسب إلى الإمام الشافعي مسيرة يوم واحد بالسير الوسط وقدر بالفرسخ مثل تقدير اليومين وهو ستة عشر فرسخاً أو ثمانية وأربعون ميلاً. فالذي يظهر من هذا أن العبرة بالفرسخ لا بالأيام والله تعالى أعلم
4- وذهب الإمام أبو حنيفة: إلى أن مسافة القصر مسيرة ثلاثة أيام ولياليها سير الابل ومشي الأقدام لقوله صلى الله عليه وسلم: "يمسح المقيم كمال يوم وليلة، والمسافر ثلاثة أيام ولياليها" هكذا قال صاحب الهداية.