(1) حديث عائشة: قالت:" إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد فصلى بصلاته ناس، ثم صلى الثانية فكثر الناس. ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسوله الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبح قال: "رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم" وذلك في رمضان" متفق عليه.
شرح الحديث: في الحديث دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة التراويح بالجماعة ولم يمنعه من الاستمرار بالجماعة إلا تخوفه أن تكتب على الأمة.
فإن قيل: كيف كان يفرض عليهم وقد أكمل الله الفرائض ورد الخمسين إلى الخمس؟
أجاب البغوي على هذا السؤال قائلاً:" كانت صلاة الليل واجبة على النبي صلى الله عليه وسلم، وأفعاله الشرعية كان الإقتداء به فيها واجباًَ، فكان لا يأمن إن هو واظب على الصلاة بهم أن يلزمهم الإقتداء به فيه، فالزيادة من جهة وجوب الإقتداء به. لا من جهة إنشاء فرض مستأنف على أن الإنسان قد يكلف نفسه ما لم يوجبه الشرع ثم تلحقه اللائمة بتركه كما لو نذر صلاة تلزمه وكما أخبر الله سبحانه وتعالى عن فريق من النصارى أنهم ابتدعوا رهبانية لم يكتبها عليهم، ثم قصروا فيها، فلحقتهم اللائمة، فقال سبحانه وتعالى: {فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} فأشفق النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فترك العمل" انتهى 1.