ويعجبني أهلُ الحديث لصِدقهم ... فلستُ إلى قوم سِوَاهم بُمنتَهي (?)
ومن شعره قوله:
وزهَّدني في جميع الأنام ... قِلُّة إنصاف من تَصْحَبُ
هم الناس ما لم تُجَربَّهُمُ ... وطُلْسُ الذَّئاب إذا جُرَّبوا
وليتك تَسْلم عند البعاد ... منهم فكيف إذا تَقْرُبُ (?)
الرابع عشر: مرض صلاح الدين ووفاته: عام 589هـ
1 - الأيام الأخيرة من حياة صلاح الدين: قال العماد: والسلطان مقيم بدمشق في داره، وممالك الآفاق في انتظاره، والأنام مشرقة بمطالع أنواره، ورسل الأمصار مجتمعون على بابه، منتظرون لجوابه والضيوف في فيوض إنعامه عائمون والفقراء في رياض صدقاته راتعون، ويجلس في كل يوم وليلة لإسداء الجود، وإبداء السعود، وبث المكارم، وكثف المظالم وبرز إلى الصيد شرقي دمشق بزاد خمسة عشر يوماً واستصحب معه أخاه العادل وأبعد في البَرَّيَّة وظهر عن ضَمير ضُمَير إلى الجهة الشرقية وطابت له الفرص، ووافق مراده القنص ثم عاد يوم الاثنين حادي عشر صفر، ووافق ذلك عود الحاج الشامي فخرج للتَّلقَّي وسعادته في التَّرَقَّي ولما لقي الحُجَّاج استعبرت عيناه، كيف فاته من الحج ما تمَّناه، وسألهم عن أحوال مكة وأميرها وأهلها وخصبها ومحلها وكم وصَلَهم من غَلاَّت مصر وصدقاتها والفقراء والمجاورين ورواتبها وإدراراتها، وسُرَّ سلامة الحاج ووضوح ذلك المنهاج ووصل من اليمن ولدُ أخيه سيف الإسلام، فتلقاه بالأكرام (?).
2 - مرض صلاح الدين: لما كانت ليلة السبت وجد كسلاً عظيماً، فما انتصف الليل حتى غشيته حُمَّى صفراوية كانت في بطنه أكثر منها في ظهره وأصبح يوم السبت سادس عشر صَفَر عليه أثُر الحُمىَّ ولم يظهر ذلك للناس، لكن حضر عنده القاضي ابن شداد والقاضي الفاضل ودخل ولده