صلاح البيوت (صفحة 35)

- ابنة حاتم الأصم (رحمها الله):

حكي أن حاتم الأصم كان رجلا كثير العيال، وكان له أولاد ذكور وإناث، فجلس ذات ليلة مع أصحابه يتحدث معهم، فتعرضوا لذكر الحج، فدخل الشوق قلبه، ثم دخل علي أولاده، فجلس معهم يحدثهم، ثم قال لهم: لو أذنتم لأبيكم أن يذهب إلي بيت ربه في هذا العام حاجا، ويدعو لكم، ماذا عليكم لو فعلتم؟ فقالت زوجته وأولاده: أنت علي هذه الحال لا تملك شيئا، ونحن علي ما ترى من الفاقة، فكيف تريد ذلك ونحن بهذه الحال؟ وكان له ابنة صغيرة فقالت: ماذا عليكم لو أذنتم له ولا يهمكم ذلك؟ دعوه يذهب حيث شاء، فإنه مناول للرزق، وليس برزاق، فذكرتهم ذلك، فقالوا: صدقت ـ والله ـ هذه الصغيرة، يا أبانا، انطلق حيث أحببت. فقام من وقته وساعته وأحرم بالحج. وخرج مسافرا، وأصبح أهل بيته يدخل عليهم جيرانهم يوبخونهم كيف أذنوا له بالحج، وتأسف علي فراقه أصحابه وجيرانه، فجعل أولاده يلومون تلك الصغيرة ويقولون: لو سكت ما تكلمنا، فرفعت الصغيرة طرفها إلي السماء فقالت: إلهي وسيدي ومولاي: عودت القوم بفضلك، وأنك لا تضيعهم، فلا تخيبهم، ولا تخجلني معهم. فبينما هم علي هذه الحال، إذ خرج أمير البلد متصيدا، فانقطع عن عسكره وأصحابه، فحصل له عطش شديد، فاجتاز بيت الرجل الصالح حاتم الأصم، فاستقى منهم ماء، وقرع الباب، فقالوا: من أنت؟ قال: الأمير، ببابكم ليستسقيكم، فرفعت زوجة حاتم رأسها إلي السماء وقالت: إلهي وسيدي سبحانك .. البارحة بتنا جياعا، واليوم يقف الأمير بابنا يستسقينا، ثم إنها أخذت كوزاً جديداً وملأته ماء، وقالت للمتناول منها: اعذرونا، فأخذ الأمير الكوز وشرب منه، فاستطاب الشرب من ذلك الماء، فقال: هذه الدار لأمير؟ فقالوا:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015