المنَاسَبَة: لما ذكر تعالى دلائل التوحيد في خلق الإِنسان، والحيوان، والنبات، وفي خلق السماوات والأرض، وعدَّد نعمة عل عباده، ذكر هنا أمثالاً لكفار مكة من المكذبين من الأمم السابقة وما نالهم من العذاب، فابتدأ بقصة نوح، ثم بقصة موسى وفرعون، ثم بقصة عيسى بن مريم، وكلُّها عبر وعظات للمكذبين بالرسل والآيات.
اللغَة: {جِنَّةٌ} بكسر الجيم أي جنون {فَتَرَبَّصُواْ} فانتظروا والتربص: الانتظار {مُبْتَلِينَ} مختبرين {هَيْهَاتَ} اسم فعل ماض بمعنى بَعُد قال الشاعر:
تذكرت أياماً مضين من الصبا ... وهيهات هيهاتاً إِليك رجوعها
{غُثَآءً} الغثاء: العشب إِذا يبس، وغُثاء السيل: ما يحمله من الحشيش والقصب اليابس ونحوه {بُعْداً} هلاكاً قال الرازي: بعداً وسُحقاً ودماراً ونحوها مصادر موضوعة مواضع أفعالها قال سبيويه وهي منصوبة بأفعال لا يستعمل إٍِظهارها ومعنى {بُعْداً} بعدوا بعداً أي هلكوا {قُرُوناً} أمماً {تَتْرَا} تتابع يأتي بعضهم إِثر بعض {أَحَادِيثَ} جمع أُحدوثة كأُعجوبة وهي ما يتحدث به عجباً وتسلية {مَعِينٍ} ماء جار ظاهر للعيون {رَبْوَةٍ} الربوة: المكان المرتفع من الأرض.
التفسِير: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إلى قَوْمِهِ} أي والله لقد أرسلنا رسولنا نوحاً إلى قومه داعياً لهم إِلى الله قال المفسرون: هذه تعزية لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بذكر هذا الرسول، ليتأسى به في صبره، وليعلم أنَّ الرسل قبله قد كُذبوا {فَقَالَ ياقوم اعبدوا الله مَا لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرُهُ} أي اعبدوه وحده فليس لكم ربٌّ سواه {أَفَلاَ تَتَّقُونَ} زجرٌ ووعيد أي أفلا تخافون عقوبته بعبادتكم غيره؟ {فَقَالَ الملأ الذين كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ} أي فقال أشراف قومه ورؤساؤهم الممعنون في الكفر والضلال {مَا هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ} أي ما هذا الذي يريد أن يطلب الرياسة والشرف عليكم بدعواه النبوة لتكونوا له أتباعاً. . واعجبْ بضلال هؤلاء استبعدوا أن تكون النبوة لبشر، وأثبتوا الربوبية لحجر {وَلَوْ شَآءَ الله لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً} أي لو أراد ال له أن يبعث رسولاً لبعث ملكاً