صفوه التفاسير (صفحة 308)

الفضائح والقبائح، إِلا في حق من زاد ضررهُ وعظُم خطرُه، فلا عجب أن يكشف الله عن المنافقين الستر، ثم تحدث عن اليهود وعدَّد بعض جرائمهم الشنيعة مثل طلبهم لرؤية الله، وعبادتهم للعجل وادعائهم صلب المسيح، واتهامهم مريم البتول بالفاحشة إلى غير ما هنالك من قبائح وجرائم شنيعة.

اللغَة: {جَهْرَةً} عياناً {بُهْتَاناً} البهتان: الكذب الذي يُتحير فيه من شدته وعظمته {شُبِّهَ} وقع الشَّبه بين عيسى والمقتول الذي صلبوه {وَأَعْتَدْنَا} هيأنا {الراسخون} المتمكنون من العلم.

سَبَبُ النّزول: روي أن كعب بن الأشرف وجماعة من اليهود قالوا يا محمد: إِن كنت نبياً فأتنا بكتاب من السماء جملةً كما أتى موسى بالتوراة جملة فأنزل الله {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الكتاب أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السمآء ... } الآية.

التفِسير: {لاَّ يُحِبُّ الله الجهر بالسواء مِنَ القول إِلاَّ مَن ظُلِمَ} أي لا يحب الله الفُحْش في القول والإِيذاء باللسان إِلا المظلوم فإِنه يباح له أن يجهر بالدعاء على ظالمه وأن يذكره بما فيه من السوء قال ابن عباس: المعنى لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد إِلا أن يكون مظلوماً {وَكَانَ الله سَمِيعاً عَلِيماً} أي سميعاً لدعاء المظلوم عليماً بالظالم {إِن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سواء} أي إِن أظهرتم أيها الناس عمل الخير أو أخفيتموه أو عفيتم عمن أساء إِليكم {فَإِنَّ الله كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً} أي كان مبالغاً في العفو وأشار إِلى أنه عفوٌّ مع قدرته فكيف لا تعفون مع ضعفكم وعجزكم؟! {إِنَّ الذين يَكْفُرُونَ بالله وَرُسُلِهِ} الآية في اليهود والنصارى لأنهم آمنوا بأنبيائهم وكفروا بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وغيره، جعل كفرهم ببعض الرسل كفراً بجميع الرسل، وكفرَهُم بالرسل كفراً بالله تعالى {وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ الله وَرُسُلِهِ} التفريقُ بين الله ورسله أن يؤمنوا بالله ويكفروا برسله، وكذلك التفريق بين الرسل هو الكفر ببعضهم والإِيمان ببعضهم وقد فسره تعالى بقوله بعده {وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ} أي نؤمن ببعض الرسل ونكفر ببعض قال قتادة: أولئك أعداء الله اليهود والنصارى، آمنت اليهود بالتوراة وموسى وكفروا بالإِنجيل وعيسى، وآمنت النصارى بالإِنجيل وعيسى وكفروا بالقرآن وبمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وتركوا الإِسلام دين الله الذي بعث به رسله {وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذلك سَبِيلاً} أي طريقاً وسطاً بين الكفر والإِيمان ولا واسطة بينهما {أولئك هُمُ الكافرون حَقّاً} أي هؤلاء الموصوفون بالصفات القبيحة هم الكافرون يقيناً ولو ادعوا الإِيمان {وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً} أي هيأنا لهم عذاباً شديداً مع الإِهانة والخلود في نار جهنم {والذين آمَنُواْ بالله وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ} أي صدّقوا الله وأقروا بجميع الرسل وهم المؤمنون أتباع محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم يفرقوا بين أحد من رسله بل آمنوا بجميعهم {أولئك سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ} أي سنعطيهم ثوابهم الكامل على الإِيمان بالله ورسله {وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً} أي غفوراً لما سلف منهم من المعاصي والآثام متفضلاً عليهم بأنواع الإِنعام {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الكتاب أَن تُنَزِّلَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015