صفوه التفاسير (صفحة 1165)

47

المنَاسَبة: لما ذكر تعالى ما حلَّ بآل فرعون من العذاب والدمار، ذكر بعده النزاع والخصام الذي يكون بين أهل النار، واستغاثة المجرمين، وهم في عذاب الجحيم يصلون سعيرها فلا يجابون، ثم ذكر الأدلة والبراهين على قدرة الله ووحدانيته، لإِقامة الحجة على المشركين.

اللغَة: {يَتَحَآجُّونَ} يختصمون {خَزَنَةِ} جمع خازن وهو المتكفل بحفظ الشيء وحراسته {الأشهاد} جمع شاهد وهو الذي يشهد بالحجة على غيره {دَاخِرِينَ} أذلاء صاغرين {تُؤْفَكُونَ} تُصرفون عن الإِيمان إلى الكفر {قَرَاراً} مستقرا {أُسْلِمَ} أذل وأخضع.

التفسِير: {وَإِذْ يَتَحَآجُّونَ فِي النار} أي واذكر حين يختصم الرؤساء والأتباع في نار جهنم {فَيَقُولُ الضعفاء لِلَّذِينَ استكبروا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً} أي فيقول الأتباع الضفعاء للرؤساء المستكبرين عن الإِيمان واتباع الرسل، إنا كنا لكم في الدنيا أتباعاً كالخدم ننقاد لأوامركم، ونطيعكم فيما تدعوننا إليه من الكفر والضلال {فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِّنَ النار} ؟ أي فهل أنتم دافعون عنا جزءاً من هذا العذاب الذي نحن فيه؟ قال الرازي: علموا أن أولئك الرؤساء لا قدرة لهم على ذلك التخفيف، وإنما مقصودهم من هذا الكلام المبالغة في تخجيل الرؤساء، وإِيلام قلوبهم، لأنهم سعوا في إيقاعهم في أنواع الضلالات {قَالَ الذين استكبروا إِنَّا كُلٌّ فِيهَآ} أي قال الرؤساء جواباً لهم: إنَّا جميعاً في نار جهنم، فلو قدرنا على إزالة العذاب عنكم لدفعناه عن أنفسنا {إِنَّ الله قَدْ حَكَمَ بَيْنَ العباد} أي قضى قضاءً مبرماً لا مردَّ له، بدخول المؤمنين الجنة، والكافرين النار، فلا نستطيع أن نفعل لكم شيئاً {وَقَالَ الذين فِي النار لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ} لما ئيس أهل النار بعضهم من بعض التجأوا إلى حراس جنهم يطلبون منهم التخفيف قال البيضاوي: وإنما وضع جهنم موضع الضمير {لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ} بدلاً من «لخزنتها» للتهويل والتفظيع {ادعوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ العذاب} أي أدعوا لنا الله أن يخفف عنا ولو مقدار يوم واحد من هذا العذاب {قالوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بالبينات} ؟ أي أجابتم الملائكة على سبيل التوبيخ والتقريع: ألم تأتكم الرسل بالمعجزات الظاهرات فكفرتم بهم وكذبتموهم؟ {قَالُواْ بلى} أي قال الكفار بلى جاءونا {قَالُواْ فادعوا} اي قالت لهم الملائكة: فادعوا اللهَ أنتم فإِنا لا نجترىء على ذلك قال الرازي: وليس قولهم {فادعوا} لرجاء المنفعة، ولكنْ للدلالة على الخيبة، فإن الملائكة المقربين إذا لم يُسمع دعاؤهم، فكيف يسمع دعاء الكفار؟ ثم يصرّحون لهم بأنه لا أثر لدعائهم فيقولون {وَمَا دُعَاءُ الكافرين إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ} أي دعاؤكم لا ينفع ولا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015