2 - (48) قَالَ زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى: وَثنا بِهِ سُفْيَانُ بن وكيع، ثنا جميع بن عمر بن عبد الرحمن العجلي أبو جعفر، إملاء عَلَيْنَا مِنْ كِتَابِهِ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ مِنْ وَلَدِ أَبِي هَالَةَ زَوْجِ خَدِيجَةَ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنٍ لأَبِي هَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: سَأَلْتُ خَالِي هِنْدَ بْنَ أَبِي هَالَةَ -وَكَانَ وَصَّافًا - عَنْ حِلْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَشْتَهِي أَنْ يَصِفَ لِي مِنْهَا شَيْئًا أَتَعَلَّقُ بِهِ.
فَقَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخْمًا مُفَخَّمًا، يَتَلأَلأُ وَجْهُهُ تَلأْلُؤَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ.
أَطْوَلَ مِنَ الْمَرْبُوعِ، وَأَقْصَرَ مِنَ الْمُشَذَّبِ، عَظِيمَ الْهَامَةِ، رَجِلَ الشَّعَرِ إن انفرفت عقيصته فرق (?)، وإلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنه إذا [هو] وَفْرَةٍ (?).
-[147]- أَزْهَرَ اللَّوْنِ، وَاسِعَ الْجَبِينِ، أَزَجُّ الْحَوَاجِبُ، سَوَابِغُ فِي غَيْرِ قرْنٍ (?)، بَيْنَهُمَا عِرْقٌ يَدُرُّهُ الْغَضَبُ، أَقْنَى الْعَرْنَيْنِ، لَهُ نُورٌ يَعْلُوهُ يَحْسَبُهُ مَنْ لَمْ يَتَأَمَّلْهُ أَشَمَّ، كَثَّ اللِّحْيَةِ.
سَهْلَ الْخَدَّيْنِ، ضَلِيعَ الْفَمِ، أَشْنَبَ، مُفَلَّجَ الأَسْنَانِ، دَقِيقَ الْمَسْرُبَةِ، كَأَنَّ عُنُقَهُ جِيدُ دُمْيَةٍ فِي صَفَاءِ الفضة، معتدل الخلق، -[148]- بادنٌ متماسكٌ، سواء البطن والصدر، عريض [الصدر] (?)، بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ، أَنْوَرَ الْمُتَجَرِّدِ، مَوْصُولَ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالسُّرَّةِ بِشَعَرٍ يَجْرِي كَالْخَطِّ، عَارِيَ الثَّدْيَيْنِ وَالْبَطْنِ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ.
أَشْعَرَ الذِّرَاعَيْنِ وَالْمَنْكِبَيْنِ وَأَعَالِي الصَّدْرِ، طَوِيلَ الزَّنْدَيْنِ، رَحْبَ الرَّاحَةِ، شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، سَائِرَ أَوْ سَائِلَ الأَطْرَافِ. خُمْصَانَ الأَخْمَصَيْنِ، مَسِيحَ الْقَدَمَيْنِ يَنْبُو عَنْهُمَا الْمَاءُ، إِذَا زَالَ زَالَ قُلْعًا، يخطو تكفياً ويمشي [هوناً] (?) ذَرِيعَ الْمِشْيَةِ إِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ، وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا.
خَافِضَ الطَّرْفِ، نَظَرُهُ إِلَى الأَرْضِ أَطْوَلُ مِنْ نَظَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ جُلُّ نَظَرِهِ الْمُلاحَظَةُ.
-[149]- يَسُوقُ أَصْحَابَهُ يَبْدُرُ مَنْ لَقِيَهُ بِالسَّلامِ.
قَالَ: قُلْتُ: صِفْ لِي مَنْطِقَهِ.
قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَاصِلَ الأَحْزَانِ، دَائِمَ الْفِكْرَةِ، لَيْسَتْ لَهُ راحةٌ، لا يَتَكَلَّمُ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ، طويل السكت (?)، يَفْتَتِحُ الْكَلامَ وَيَخْتِمُهُ بِأَشْدَاقِهِ وَيَتَكَلَّمُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، فصل لا فضول ولا تقصير، دمث لَيْسَ بِالْجَافِي وَلا الْمُهِينِ، يُعَظِّمُ النِّعْمَةَ، وَإِنْ دَقَّتْ، لا يَذُمُّ مِنْهَا شَيْئًا غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَذُمُّ ذَوَّاقًا وَلا يَمْدَحُهُ.
وَلا تغضبه الدُّنْيَا وَمَا كَانَ لَهَا، فَإِذَا تُعُدِّيَ الْحَقُّ لَمْ يَعْرِفْهُ أَحَدٌ، وَلَمْ يَقُمْ لِغَضَبِهِ شَيْءٌ حَتَّى يَنْتَصِرَ لَهُ، لا يَغْضَبُ لِنَفْسِهِ وَلا ينتصر لها.
وإذا أَشَارَ أَشَارَ بِكَفِّهِ كُلِّهَا، وَإِذَا تَعَجَّبَ قَلَبَهَا، وإذا تحدث اتَّصَلَ بِهَا يَضْرِبُ بِرَاحَتِهِ الْيُمْنَى بَاطِنَ رَاحَتِهِ الْيُسْرَى.
وَإِذَا غَضِبَ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ، وَإِذَا فَرِحَ غض طرفه، جل ضحكه التبسم، ويفتر عن مثل الغمار -ولعله: حب الغمام-.