لقد تعبد رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفة الجمال عندما قال: (أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به السموات والأرض) , فإن الأرض تشرق بنور ربها، حين يأتي الرب جل في علاه ليفصل بين العباد, وهذا من جمال الله جل في علاه, والله جميل يحب كل جميل.
ويتعبد المرء بهذا الجمال كالآتي: التدبر في جمال الله جل في علاه, فينظر في جمال أسماء الله الحسنى.
فمثلاً ينظر في اسم اللطيف، وينظر في جمال اللطف، وأن الله يخفي الأشياء في أضدادها، فيخفي النصر داخل الهزيمة, ويخفي العزة داخل الذل, ويخفي الحرية داخل الرق، سبحانه جل في علاه, وينتزع النصر من أنياب القهر والظلم، فهذا من جمال أسماء الله جل في علاه.
وينظر إلى اسم الله الحنان المنان، سبحانه جل في علاه.
فينظر كيف يمن على عباده بأرزاق شتى، أرزاق القلوب، وأرزاق الأبدان.
وينظر إلى جمال صفات الله، فينظر إلى صفة الضحك، فإن الله يضحك، وهذا من جماله, وإذا كان الله يضحك فإنا لن نعدم من رب يضحك خيراً, كما قال الصحابي الفقيه الأريب اللبيب عندما قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (أيضحك ربنا؟ قال: يضحك ربكم.
قال: ما يضحك الرب؟ قال: أن تدخل بغير درع، أن تدخل مقبلاً غير مدبر، فتضرب في عنقك، أو تضرب في صدرك، فيضحك الرب من ذلك)، وإن كانت الأسانيد مختلف فيها, لكن لها شواهد تدل على الصحة.
فقال الرجل: لن نعدم من رب يضحك خيراً.
ويضحك سبحانه إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر، ويأخذ الأول بيد الآخر ويدخلان الجنة.
وينظر إلى جمال صنيع الله، وفعل الله مع نبيه صلى الله عليه وسلم, فبعد أن كان ذليلاً طريداً مكن له في المدينة، وأسس الدولة الإسلامية، وكشف عنه الكربة، وسلاه بعد هذا الكرب الشديد الذي نزل عليه.
وأخذه إلى رحلة لم يأخذ نبياً لها أبداً، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، تشريفاً وتعظيماً وتوقيراً لمكان هذا النبي، وذلك في الإسراء والمعراج، وهذا من جمال فعل الله جل وعلا مع نبيه.
وينظر إلى جمال فعل الله جل في علاه مع عباده، فقد فتح لهم باب التوبة إلى أن تطلع الشمس من مغربها، فهذا من جميل صنيع الله جل في علاه.