هذا الرجل مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما وضع الوضوء للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم شاكراً لفعله: (سلني، قال: أسألك مرافقتك في الجنة؟)، علو في الهمة، فهو يعلم أن ربه علي، وعلو الهمة صفة يحبها الله جل في علاه كما في الحديث الصحيح: (إن الله يحب معالي الأمور ويبغض أسافل الأمور)، فلذلك قال مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أسألك مرافقتك في الجنة)، همة عالية فما رضي بالدون، وما قال: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ} [آل عمران:185]، فكثير من العامة الآن تسمعهم يقولون: نحن لا نريد إلا أن نزحزح عنها فقط، فقط نمر على الصراط، هذه همة دنيا، والهمة الدنيا يمكن أن ينزل بها إلى نار جهنم، بل قال بعضهم: انظر إلى السماء حتى تصل إلى المأذنة؛ فلا بد لك من همة عالية، ولا ترضى بغير الفردوس بديلاً، وإن علمت أنك ربما تقع وتتجرأ وتتعدى وتفعل الحرام فاعلم بأن ربك سيوفقك للتوبة، واعلم أنك ما زلت على هدف غالٍ ثمين، هذا الهدف بعلو همتك ستصل إليه.
كانت همة الصحابة رضوان الله عليهم في الفردوس الأعلى، عمرو بن الجموح ذلك الرجل الذي ابتلاه الله جل في علاه بعرجة في رجله وقد رفع عنه الحرج، كما قال الله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} [الفتح:17]، عندما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بين له أن الله قد رفع عنك الحرج، لكن له همة عالية لا ترضى بالدون، لا يرضى أن يكون تحت الناس، ولا أن يكون في الخط الخلفي، قال: والذي نفسي بيده لأطأن بعرجتي هذه الجنة، نسأل الله جل في علاه أن يجعله في الفردوس الأعلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، هذه هي الهمة العالية في طلب الله جل في علاه.