والمتعبد لله جل في علاه بهذه الصفة يجد العزة في قلبه، وفي بشاشة إيمانه بالله عز وجل، وليعلم المؤمن أن كمال العزة تكون في كمال الذل لله جل في علاه، فلا يتذلل إلا لربه، ويعلم أن أذل أهل الأرض لله هو أعز أهل الأرض عند الله، ولذلك ترى أن العبد يرتقي عند ربه كلما سجد وذلل نفسه لله عز وجل، ونحن نجزم أن أذل أهل الأرض لله هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك جعله الله أعز أهل الأرض صلى الله عليه وسلم.
والعبد الذي يتعبد لله بهذه الصفة يمشي وهو مهزوم في عزة، يمشي وهو مغلوب في عزة، يمشي وهو مكروب في عزة، بل يكون في عزة لا تدانيها عزة؛ لأنه يعلم بأن العزة كلها لله جل في علاه، وأن العزيز يصف المؤمنين بالعزة، كما بين في كتابه بقوله: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون:8]، وغير هؤلاء لا يدخلون في العزة.
وعندما ينظر المسلم إلى هذه الأمة المهزومة، وإلى هذه المذلة والمهانة التي نزلنا إليها، ويرتقي ببصره إلى السماء، يعلم أن العزة تكون له بطاعته لربه، وذله إذا عصاه.