إن كل إنسان له مطلب عند ربه، والطمع في الدين محمود، والطمع في الله فقه لم يصل إليه أي أحد إلا أيوب عليه السلام، فقد بين لنا قاعدة عظيمة في التعامل مع الكريم، فإذا لقيت كريماً من أهل الدنيا فإن أكثرت عليه بالسؤال قال: إن كان حبيبك عسلاً فلا تلحسه كله، فلسانك سينقطع.
ولكن الله عز وجل كريم وليس لكرمه حد ولا نهاية، يقول جل في علاه كما في الحديث: (لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك من ملكي شيء).
فأيوب عليه السلام بعدما أغناه الله جلا في علاه، وأنزل عليه جراداً من ذهب، وهو يحثوا الذهب قال الله له: ألم أكن قد أغنيتك؟ قال: لا غنى لي عن بركتك، وإني اطمع في كرمك.
وما من أحد إلا ويعلم أن خزائن السموات والأرض بيد الله سبحانه، والموفق من وفقه الله بطلب الدعاء، يقول عمر بن الخطاب: إني لا أحمل هم الإجابة، ولكن أحمل همّ الدعاء؛ لأنه يعلم تعبداً بأولية الله أن الدعاء توفيق من الله، وأن رفع اليد والتذلل، وبكاء القلب قبل بكاء العين كله من الله، فإذا دعا العبد ربه بصدق نال منه ما يريد، وإذا تعبد الإنسان لربه بأوليته وصل بها إلى آخريته سبحانه جلا في علاه.
فالله هو الأول الذي ابتدأ لك التوفيق أن تدعوه، وهو الذي يعقب بعد ذلك بأن يستجيب لك الدعاء، فهذا هو التعبد لله بصفته العظيمة الجليلة الكاملة: صفة الأولية.