الخاتمة
((الحمد لله رب العالمين حمداً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربُّنا ويرضى، وكما ينبغي لكرم وجهه وعزِّ جلاله، غير مَكْفِيٍّ ولا مكفورٍ ولا مودَّعٍ ولا مستغني عنه ربُّنا، ونسأله أن يوزعنا شكر نعمته، وأن يوفِّقنا لأداء حقه، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يجعل ما قصدنا له في هذا الكتاب وفي غيره خالصاً لوجهه الكريم، ونصيحة لعباده، فيا أيها القاريءُ له، لك غُنْمُه وعلى مؤلفه غُرْمُه، لك ثمرتُه وعليه تَبِعَتُه، فما وجدتَ فيه من صوابٍ وحقٍ فاقبله ولا تلتفت إلى قائله، بل انظر إلى ما قال لا إلى من قال وقد ذمَّ الله تعالى من يَرُدَّ الحقَّ إذا جاء به مَن يبغضه، ويقبله إذا قاله من يحبه فهذا خُلُقُ الأمة الغضبية. قال بعض الصحابة: ((اقبل الحق ممن قاله وإن كان بغيضاً، ورُدَّ الباطل على من قاله وإن كان حبيباً)) وما وجدتَ فيه من خطأ فإن قائله لم يألُ جهد الإصابة، ويأبى الله إلا أن يتفرد بالكمال، كما قيل:
والنَّقْصُ في أصلِ الطبيعةِ كامنٌ ... فَبَنُو الطبيعةِ نَقْصُهم لا يُجْحَدُ
وكيف يُعْصَمُ من الخطأ من خُلق ظلوماً جهولاً، ولكن من عُدَّت غلطاتُه أقربُ إلى الصوابِ ممن عُدَّت إصاباتُه، وعلى المتكلم في هذا الباب وغيره أن يكون مصدر كلامه عن العلم بالحق، وغايته النصيحة لله، ولكتابه، ولرسوله، ولإخوانه المسلمين، وإن جعلَ الحقَ تبعاً للهوى: فَسَدَ القلبُ والعملُ والحالُ والطريقُ ... والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على خاتم المرسلين محمدٍ وعلى آله أجمعين)) (1)