الحدوث لا بد له من عل، وتسلسلاً مع العلل للمتغيرات الأولى، سنصل حتماً إلى نقطة بدء نقرر فيها أن هذا الكون له بداية، في صفاته وأعراضه، وفي ذاته ومادته الأولى، وحينما نصل إلى هذه الحقيقة لا بد أن نقرر أن خالقاً أزلياً لا يمكن أن يتصف بصفات تقتضي حدوثه، وهذا الخالق هو الذي خلق هذا الكون وأمده بالصفات التي هو عليها.

وحين لا يُسلِّم بمثل هذه الأدلة الفلسفية العقلية طائفة المفتونين بالعلوم الحديثة وقوانينها ومنجزاتها، فإننا نأتيهم بأدلة من هذه العلوم وقوانينها تثبت حدوث هذا الكون.

اكتشف العلم الحديث القانون الثاني للحرارة الديناميكية، وهو القانون يسمون (قانون الطاقة المتاحة) أو يسمونه (ضابط التغير) .

وهذا القانون يثبت أنه لا يمكن أن يكون وجود الكون أزلياً، إذ هو يفيد تناقص عمل الكون يوماً بعد يوم، ولا بد من وقت تتساوى فيه حرارة جميع الموجودات، وحينئذ لا تبقى أية طاقة مفيدة للحياة والعمل، وتنتهي العمليات الكيميائية والطبيعية، وبذلك تنتهي الحياة.

يذكر هذا التحقيق العلمي عالم أمريكي في علم الحيوان، هو (إدوارد لوثر كيسل) ثم يقول:

"وهكذا أثبتت البحوث العلمية دون قصد أن لهذا الكون بداية، فأثبتت تلقائياً وجود الإله، لأن كل شيء ذي بداية لا يمكن أن يبتدئ بذاته، ولا بد أن يحتاج إلى المحرك الأولى الخالق الإله".

ونجد مثل هذا في كلام (السير جيمس) إذ يقول في كلام له:

"تؤمن العلوم الحديثة بأن (عملية تغير الحرارة) سوف تستمر حتى تنتهي طاقاتها كلية، ولم تصل هذه العملية حتى الآن إلى آخر درجاتها، لأنه لو حدث شيء مثل هذا لما كنا الآن موجودين على ظهر الأرض حتى نفكر فيها، إن هذه العملية تتقدم بسرعة مع الزمن، ومن ثم لا بد لها من بداية، ولا بد أنه قد حدثت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015