ورأيت أن من واجبنا أيضاً أن نقيم بينهم وبين أجيالنا سداً منيعاً من المعرفة الرصينة الراسخة بحججها وبراهينها، حتى لا تنخدع هذه الأجيال بزيف ما يكتبون، وزخرف ما يقولون، لا سيما حينما يلبس هؤلاء الملحدون أقنعة العلمانية المزورة، ويتسترون وراء التقدم العلمي الحديث، ويستغلون لأنفسهم مظاهر التقدم الصناعي والتكنولوجيا.
مع أن التقدم الصناعي والتكنولوجي لم يكن ولن يكون في الحقيقة ملحداً بالله، بدليل أن معظم أئمة التقدم الصناعي والتكنولوجي وأئمة العلوم الحديثة مؤمنون بأن لهذا الكون خالقاً يصرِّف أموره بعلمه وقدرته وعنايته وحكمته.
من هذا الذي يستطيع أن يثبت حقاً أن علوم الفيزياء والكيمياء والطب، وعلوم الرياضيات والفلك والأحياء والنباتات، وعلوم الذرة والصواريخ والمركبات الفضائية، علوم قائمة على أسس الإلحاد بالله والكفر بقدرته وعلمه وعنايته وحكمته؟
هل هذه العلوم تثبت ببراهينها أنه ليس لهذا الكون خالق قادر مدبر؟
إننا إذا وجدنا ملحداً واحداً من علماء هذه العلوم وجدنا في مقابله عشرات المؤمنين بالله من كبار هؤلاء العلماء أنفسهم، ولو أن علومهم قائمة على قاعدة الإلحاد، أو تشتمل على براهين تنفي وجود الله لكان الأمر معكوساً تماماً، ولأظهر لنا هؤلاء العلماء أدلتهم وبراهينهم، ولأثبتوا لنا ذلك في مكتوباتهم، بيد أننا نجد في أقوالهم الكثيرة ما يدعم قضية الإيمان بالله.
إلا أن حركة يهودية أرادت نشر الإلحاد في الأرض فتسترت بالعلمانية، ونشطت عناصر منها فبثَّت نظريات من عند أنفسها وضعت خصيصاً لدعم قضية الإلحاد، وكان ذلك ضمن مخطط يهودي شامل، لإفساد أمم الأرض بالإلحاد والمادية المفرطة، والانسلاخ من كل الضوابط التشريعية والأخلاقية كيما تهدِّم هذه الأمم أنفسها بأنفسها، وعندئذ يخلو الجو - بحسب تصورهم - لليهود قلة في العالم، ومتى خلا لهم الجو استطاعوا - كما يزعمون - أن يحكموا العالم كله حكماً مباشراً ظاهراً.