وحمَّل كلاً من المسؤولية الشخصية على مقدار ما وهبه الله من خصائص، ومن المسؤولية العامة على قدر موقعه بالنسبة إلى الجماعة وذلك كمسؤولية كل عضو من أعضاء الجسد بالنسبة إلى سائر الأعضاء، ومن البدهي أن مسؤولية الرأس تناسب موقعه من الجسد، ومسؤولية إحدى أصابع اليدين أو الرجلين تناسب أيضاً موقعها من الجسد، والكل يقدم واجبه نحو المسؤولية الجماعية على مقداره.
وسبب التشويه في هذه الصورة فقدان الإدراك السليم الكامل الشامل للمفاهيم الإسلامية بوجه عام، ومقادير كل منها، وكيفية ترابطها وتناسقها في الصورة الإسلامية العامة.
وفقدان هذا الإدراك الشامل يتولد عنه نتائج خطيرة، منها النتائج التالية:
أولاً: فساد النِّسب لأجزاء الصورة الإسلامية العظيمة.
ثانياً: الخللُ في وحدة النظام الكلي للمفاهيم الإسلامية التي يكمِّل بعضها بعضاً.
ثالثاً: تشتت شمل وحدة المسلمين، نظراً إلى أن لكل فريق منهم صورة إسلامية خاصة به، تتميز أجزاؤها بنسب مخالفة للنسب التي تتميز بها أجزاء الصور الأخرى، الأمر الذي يؤدي إلى تعصب كل فريق للصورة التي يحملها، وادعائه أنها هي الإسلام كل الإسلام.
رابعاً: توجيه كل طاقات العمل دفعة واحدة لتحقيق ما احتل معظم الساحة في الصورة ذات النسب الفاسدة، ويصعب الأمر جداً حينما يكون أهون جزيئات التعاليم الإسلامية الصحيحة وأيسرها هو الذي يحتل معظم مساحة الصورة.
ومما يزيد في الألم أن تكون هذه الجزيئات التي تمتص معظم طاقات العمل داخلة في حدود الأشكال والرسوم، لا في حدود الجواهر والمعاني والأرواح والقيم الحقيقية الذاتية.
فبينما تنقض أسس الإسلام حجراً حجراً، وتعمل على اجتثاثها اجتثاثاً كلياً جيوش كثيرة مستخفية ومستعلنة، نجد كتائب كثيرة من المسلمين منشغلة في