التعاليم الإسلامية وتدبُّر غاياتها والحِكَم التي تتضمنها، والمفتونين ببريق الحضارة المادية الأوروبية الحديثة، لا سيما الذين أنشأتهم المدارس الأجنبية إنشاءً مباشراً، ثم الذين أنشأتهم مخططاتها ومناهجها بشكل غير مباشر.

ومن اليسير على الدعاة المسلمين ذوي البصر النافذ، والعمل المخلص، إزالة هذه الأدران المشوهة للتعاليم الإسلامية، وذلك بالقيام بحملة توعية إسلامية تعتمد على إبراز فضائل هذه التعاليم، وبيان الحكم العظيمة التي تتضمنها، بالاستناد إلى البحوث الفكرية المنصفة الرصينة، والتجارب الواقعية المشاهدة.

وقد تصدى بحمد الله طائفة من كتاب الفكر الإسلامي من ذوي الغَيرة لدفع هذه الشبهات وبيان زيفها، بكتابات كثيرة، ودفاعات محكمة، فأسهموا إسهاماً مباركاً طيباً في غسل الصورة التي أراد لها أعداء الإسلام أن تكون صورة مشوهة في نفوس كثير من أبناء المسلمين.

وينبغي أيضاً أن تستهدف حملة التوعية هذه تبصير الأجيال الإسلامية بمرابض الخطر على مفاهيمها الإسلامية الصحيحة، وأخلاقها الكريمة، وذاتيتها الإسلامية، ذات الكيان المتميز في العالم، يضاف إليه فضح دسائس أعداء الإسلام الفكرية والعملية، وإبراز الصورة الإسلامية المشرقة الحقة، بكل وسيلة من وسائل الإعلام والتنوير العام.

* الصورة الرابعة:

وهي الصورة التي حصل فيها تغيير في النِّسب بين مفردات وأجزاء التعاليم الإسلامية، إذ أخذها بعضها من المساحة الكلية في أفكار ونفوس طائفة من المسلمين أكثر من نصيبه المقدر له في أصل التشريع الإسلامي.

فإذا أردنا أن نمثل هذه الصورة التي تغيرت فيها النِّسب الأصلية وجدناها تشبه ما لو جاء رسَّام (كاريكاتير) فرسم سيارة لركوب الناس، فجعل لها دواليب، قُطْرُ كل منها متران، وجعل لها أبواباً صغيرة لا يستطيع أن يدخل منها الإنسان، ومرتفعة عن الأرض بمقدار قامته، ثم جعل لها من الداخل مقاعد ضيقة جداً، بمقدار راحة اليد، وطويلة جداً بمقدار طول العمالقة الخياليين، وهكذا تلاعب بالنسب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015