دون أن يكون لها نصيب من الحقيقة، ودون أن تمر في مراحل الطريق المنطقي السليم للمعرفة، وبذلك يقعون في ضلالات فكرية ذات نتائج خطيرة.

وزاوية الانطلاف في هذا السبب تبدأ من اتباع الظن الضعيف الذي هو دون مستوى الرجحان، لافتقاره إلى دليل عقلي أو علمي يقوّيه ويرجحه، وهذا الظن التوهمي الكاذب هو الذي اتبعه من جعلوا لله شركاء بغير حق، وفيهم قال الله تعالى في سورة (يونس/10 مصحف/51 نزول) :

{أَلا? إِنَّ للَّهِ مَن فِي السَّمَاوَات وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ شُرَكَآءَ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ}

أي: ما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء حقيقيين، لأن الله واحد لا شريك له، إن يتبعون إلا الظن التوهمي الكذاب، وإن هم إلا يخرصون، أي: وإن هم إلا يكذبون على الحقيقة بالتوهم الكاذب والظن الضعيف الذي لا قيمة له في تحصيل المعارف.

وقد يكون الباعث على قبول الظن الذي لا قيمة له في مجال اكتساب المعرفة كونه موافقاً لهوى النفس، وهذا الهوى يزيِّن ضعيف الظنون ويحسنه لدى النفوس ويكبره ويجسمه بالوهم وبالتخيل الكاذب، ولا يزل ينفخ فيه حتى يسيطر على المشاعر، ويستحوذ على الفكر أخيراً، وعندئذٍ يتبع صاحب هذا الظن الضعيف ظنه معتقداً أنه حقيقة، وهو في أصله خرص من نسيج الخيال وحياكة الوهم الكاذب، وهذا الرديف من الهوى هو الذي ساعد على دفع المشركين الوثنيين إلى ضلالاتهم، ولذلك خاطبهم الله بقوله عن معقتداتهم في سورة (النجم/53 مصحف/23 نزول) :

{إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّآ أَنَزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى}

ولما كان أكثر الناس تسيطر الظنون الضعيفة والأوهام السخيفة على أفكارهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015