والأكاذيب والمشاغبات والعمل على طي الحقائق وكتمانها، والاقتصار على الجوانب التي تفيده في المعركة الجدلية، مثله في ذلك مثل المصارع الذي يصنع بيده وعلى وفق هواه دميةً لخصمه، ثم يدخل معها إلى حلبة الصراع على أنها هي خصمه الحقيقي، ويصارعها كما يشاء، ويلعب بها كما يشاء، ثم يظهر انتصاره عليها. أو كمثل المصارع الذي يستخدم بعض المرتزقة من المصارعين، ويطلب منه أن يلبس قناع خصمه الحقيقي، وينزل بدل الخصم في حلبة المصارعة، على أن يصارع مصارعة ضعيفة، ينهزم في أعقابها عند حلول الزمان المعلوم، ووفق صورة مرسومة متفق عليها سابقاً.
وما أكثر هؤلاء المقنعين من الذين يتظاهرون بالدفاع عن الدين، ويصارعون أعداءه بضعف ظاهر، ثم ينكشفون بعد محاولات باردات، لا يستخدمون فيها أية قوة من القوى الدينية الصحيحة، ويقبعون أخيراً في الزوايا مهملين، ويبقى أعداء الدين في الحلبة بعدهم يجولون.
وبعض هؤلاء يقدمون ما يلزم من حركات ليستخدمها الطرف المقابل الذي رسم له النجاح مقدماً، وليقوم بحركات بهلوانية تعجب الناظرين، وتلفت إليه الانتباه كله، وتصوِّره في نفوس المشاهدين بصورة البطل المصارع الذي لا يُغلب.
ولقد غدت هذه اللعبة الخداعية لعبة مكشوفة لدى الجماهير، في حلبات الرياضة البدنية، وفي حلبات السياسة، وفي حلبات المذاهب الفكرية المختلفة، وفي حلبات المعارك الحربية أيضاً، وهي في حلبات الصراع ضد الدين كثيرة جداً، ومتعددة الوجوه والصور والأشكال، ومختلفة السمات والملامح.
ومن عجيب أمر (د. العظم) أنه أقام من نفسه عارضاً للصورة الإسلامية كما يهوى، ومدعياً على الإسلام وفق الصورة التي رسمها هو، ومحامياً عنه كما يشتهي، ومحامياً ضده كما يريد، وقاضياً مشاركاً في دراسة الدعوى، وأخيراً جعل من نفسه حاكماً لا يقبل حكمه الاستئناف ولا التمييز، وهو قبل كل ذلك الخصم الذي يدبر المكايد، ويصنع الأكاذيب، ويلفق الحيل لهدم الإسلام هدماً كلياً، ولا يألوا جهداً