(1)
كتب (د. العظم) في كتابه "نقد الفكر الديني" فصلاً خاصاً بعنوان: "مأساة إبليس"، وكان هذا الفصل محاضرة ألقاها.
زعم فيما كتب أن قصة إبليس أسطورة خيالية من الأساطير الدينية، مثلها كمثل الأساطير الخيالية التي تنتهي بمأساة درامية، وإبليس بطل هذه المسألة قديس بحسب تفسيراته التي اعتمد فيها على آرائه الشخصية، وعلى آراء باطنية شاذة اعتمدت على المذهب الجبري في موضوع القضاء والقدر، وهو مذهب مرفوض كما علمنا، وما اشتمل هذا المذهب عليه من أفكار لا يمثل العقيدة الإسلامية الصحيحة، لذلك فإن جميع ما بناه على هذا الأساس من تفسيرات ومفاهيم وأسئلة وإشكالات ساقط مردود، باعتبار أن الأساس الذي بنى عليه أساس مرفوض دينياً، وما بني على فاسد فهو فاسد.
ولم يكتفِ باعتبار قصة إبليس الواردة في القرآن قصة أسطورية، بل هو يعتبر سائر القصص الدينية الصحيحة من قبل القصص الأسطورية، فقصة إبراهيم وأمر الله له بذبح ولده أسطورة مأساة درامية خيالية في نظره، وقصة أيوب وبلائه أسطورة مأساة، وهكذا، ولكن أعظم بطل ذي قصة مأساوية في نظره هو إبليس، لأنه تحدى الموقف المأساوي ببطولة.
من الطبيعي أن ينكر القصص الدينية بعد أن أنكر وجود الله، وأنكر الشرائع السماوية كلها، وأنكر القرآن وصحة نسبته إلى الله جلَّ وعلا.
إن العقيدة الإسلامية بكل أركانها وفروعها مبنية على أصل واحد هو الإيمان بالله، فمن اجتث من فكره وقلبه ووجدانه هذا الأصل فكل كلامه في الفروع كلام جدلي محض لا أساس له، ولا بد أن تكون مناقشته فيه متسمة بالمغالطات