صلافة وتبجحاً، وبإيجاز: إن العارف المؤمن بالله المؤمن بالدين يمكنه أيضاً أن يعيش -كحقيقة- في الدنيا".

أليس هذا تراجعاً ظاهراً في موقف العلم إلى مواقع الفكر الديني، وهذا التراجع أو التقدم في الحقيقة نتج عن واقع تقدم البحوث العملية الطبيعية، إن العلم الإنساني بدأ يتعرف على حدوده.

ولكن الماديين المتعصبين للنظرات التقليدية الإلحادية ما زالوا يجترون الادعاءات التبجحية السابقة، على الرغم من أن العلم المتطور قد أظهر فسادها، وتقدم خطوات مهمة في اتجاه مواقع الدين.

وعلى هذا باستطاعتنا أن نسمي الملاحدة الماديين رجعيين، لأنهم لا يسايرون تقدم العلم الصحيح.

على أن قضية التقدمية والرجعية من القضايا النسبية، فمن ابتعد عن الحق إلى جهة الباطل ثم رجع إلى الحق فهو رجعي فاضل كريم، ومن ابتعد عن جهة الباطل إلى جهة الحق ثم رجع إلى جهة الباطل فهو رجعي خسيس ذميم، ومن تابع تقدمه في جهة الحق فهو تقدمي بطل صاعد، ومن تابع تقدمه في جهة الباطل فهو تقدمي خبيث منحط، فالقضية في كل ذلك نسبية، تتبع السالك والجهة معاً، وكذلك الوراء والأمام، فالنازل من المعالي يكون الوادي أمامه وتكون القمة وراءه، ولو عقل لنظر إلى الوراء ورجع إليه، والصاعد إلى المعالي تكون القمة أمامه والوادي وراءه، وحينما يعقل يستمر في صعوده ولا يلتفت إلى الوراء ولا يرجع إليه.

وقد انتهى الرياضي والفيلسوف الإنكليزي (ألفرد نورث وهايت هيد) إلى "أن الطبيعة حية".

أي: ليست كما يزعم الماديون مجرد مادة تظهر الحياة فيها نتيجة تركيب آلي في عناصرها، وهذا اقتراب من المفاهيم الدينية التي تقرر أن الكون عمل موجود حي.

ثم إن الفلكي الإنكليزي السير: (آرثر إيدينجتين) قد استنتج من دراسة العلوم: "أن مادة العالم مادة عقلية".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015