التي قدمتها صورة علمية مقبولة ضمن الحدود التي قدمتها، وضمن الصورة التي نقلتها.

وباستخدام هذه الوسيلة قرر المسلمون في علومهم حقائق كثيرة لم تأتِ بها نصوص شرعية، ولا رجعوا فيها إلى تفسيرات نصوص شرعية وشروح لدلالتها، كما زعم الناقد (د. العظم) في نقده القائم على المغالطات والأكاذيب.

وهل الملاحظة التي يُعتمد عليها في مناهج البحث العلمي إلا تتبع الظواهر بالإدراك الحسي، ورصدها ومحاولة تفسيرها؟

أفلا يحق لنا أن نقول: إن مناهج العلوم الحديثة قد اقتبسها من مناهج البحث عن المسلمين، الذين أخذوا بها إذ حثهم الإسلام على استخدامها، للتعرف على الظواهر الكونية، وما في عالم الحس من حقائق، ولتكون مادة يستدل منها على قوانين الكون وسننه وخفاياه؟

ولئن أنكر (د. العظم) هذه الحقيقة فقد اعترف بها كتّاب كبار من مؤرِّخي الحضارة الأوروبية الحديثة وعلمائها، وأعلنوا فضل حضارة المسلمين على الحضارة الحديثة، في مناهجها وفي نتائجها (?) .

الوسيلة الثانية: هي وسيلة الاستدلال العقلي، وللاستدلال العقلي أصول وضوابط معروفة مدروسة في الفكر الإسلامي، ومعطيات هذا الاستدلال لا تكون علوماً مقطوعاً بها ما لم تكن يقينية غير قابلة لاحتمال النقض، وإلا كانت درجة قبولها مناسبة لدرجة قوة الاحتمال الذي رجحه الاستدلال.

ويعتمد الاستدلال العقلي على التجربة والاستقرار والتأمل العقلي المجرد، الذي يعطي أحكاماً منطقية جازمة، أو أحكاماً منطقية راجحة.

وإذا لم نقل: إن هذه الوسيلة قد اقتبسها علماء النهضة الحضارية الحديثة من المسلمين، فلا أقل من أن نقول بالاتفاق في المنهج، ومعلوم أن المسلمين كانوا هم الأسبق في الواقع التاريخي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015