حاولت أن تتلخص من ورطتها هذه بمقالتها المشهورة: "الدين لا يخضع للعقل" وأطلق علماؤهم بين بين أتباعهم كلمتهم المأثورة: "أطفئ مصباح عقلك واعتقد وأنت أعمى" وحرموا التفكير والنظر في مسائل الدين، وفرضوا عليهم التسليم الأعمى بالإله المثلث دون مناقشة ولا نظر، مع أن أصول العقل السليم ترفض هذا رفضاً قطعياً، ولا تسلم به النفوس إلا مع تعطيل منطق العقل، ورافق ذلك أنهم أقفلوا باب العقل والبحث العلمي نهائياً عن كل مسألة تعرضت إليها نصوص دينهم، حتى ما كان منها متعلقاً بواقع الكون الذي تستطيع الوسائل الإنسانية أن تصل إلى معرفته.
ولما جاء الإسلام رفض هذا التثليث الدخيل على دين الله، ونادى بالوحدانية، وقدم على ذلك شهادة من عند الله، نزل بها الوحي على رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشهادة من أولي العلم، فجعل العقل العلمي شاهداً على هذه الحقيقة، وناقض مخالفيها على أساس من العقل والعلم، واعتبر العقل في هذا سنداً يُستفتى ويُستشهد به، ولو كان البحث العلمي الإنساني السليم سيوصل إلى القطع بحقائق لا يوافق عليها الدين لما دعاه الإسلام إلى تقديم شهادته بالحقيقة، ولما أرشد الله العلماء إليه، ووضع في أيديهم وسائله، ودفع بهم إليه دفعاً، فقال الله تعالى في سورة (يونس/10 مصحف/51 نزول) :
{قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ... } .
وقال في سورة (العنكبوت/29 مصحف/85 نزول) :
{قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ... } .
وقال في سورة (الذاريات/51 مصحف/61 نزول) :
{وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ * وَفِي? أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ..} .
ولما ناقش الناس بدلائله (أي: بدلائل العقل) ، ففي إثبات الوحدانية قال الله تعالى في سورة (الأنبياء/21 مصحف/73 نزول) :
{لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}