أما الترويج لأفكاره فقد شهدنا آثاره بشكل منقطع النظير، حتى أمست آراؤه وأفكاره على ألسنة معظم المثقفين، وصارت متداولة تداول الحقائق، وفتن بها الكثيرون، بتأثير الدعاية اليهودية العالمية.
وأما تمجيده وتكريمه بشكل خاص فنجده فيما فعلته جمعية (بناي برث) الصهيونية، إذ أقامت حفلاً له بمناسبة بلوغه من العمر سبعين سنة، ولم يحضر فرويد هذا الحفل، ولكن أناب عنه في حضوره طبيبه الخاص البروفسور (لدفيج براون) الذي ألقى كلمة فرويد فيه، وقد جاء في كلمة (فرويد) ما يلي:
" ... إن كونكم يهوداً لأمر يوافقني كل الموافقة، لأنني أنا نفسي يهودي، فقد بدا لي دائماً أن إنكار هذه الحقيقة ليس أمراً غير خليق بصاحبه فحسب، بل هو عمل فيه حماقة إيجابية، إنه لتربطني باليهودية أمور كثيرة، تجعل إغراء اليهودية واليهود أمراً لا سبيل إلى مقاومته، قوي انفعالية غامضة كثيرة كلما زادت قوتها تعذر التعبير عنها في كلمات، بالإضافة إلى شعور واضح بالذاتية الداخلية ...
وهكذا وجدت نفسي واحداً منكم أقوم بدوري في اهتماماتكم الإنسانية والقومية، واكتسبت أصدقاء من بينكم، وحثثت الأصدقاء القليلين الذين تبقَّوا لي على الانضمام إليكم" (?) .
هذا هو الصهيوني (فرويد) إذ كان عمره (70) سنة.
وبالإضافة إلى كونه عضواً في جمعية (بناي برث) الصهيونية كما بينَّا كان عضواً فخرياً في منظمة (كاديما) وهي منظمة صهيونية معروفة، وإذ اكتفى بالعضوية الفخرية بالنسبة إلى هذه المنظمة فقد دفع أحد أبنائه ليكون عضواً عاملاً فيها.
ومعلوم أن الحركة الصهيونية حركة ذات طابع ديني وقومي مفرط في التعصب ضد الأمم والأديان الأخرى، وما كان (فرويد) ليعمل فيها ويدفع إلى العمل فيها أحد أبنائه لو لم يكن مؤمناً بمبادئها، ومن مبادئها ما أعلنه (تيودور هرتزل) لدى