ولنا مع أصحاب هذا التوهم محاكمات كثيرة، نلزمهم فيها بإثبات أشياء كثيرة في أنفسهم، وفي الكون من حولهم، يستنتجون هم وجودها استنتاجاً، مع أنها غير مدركة بأية حاسة من حواسهم.

ومع كل هذا فقد تنزَّل القرآن إلى مستوى مداركهم فضرب أمثلة مدركة بالحس دائمة الوقوع في الكون، تُقرِّب إلى تصوراتهم صورة الحياة بعد الموت.

إن جفاف الزرع وانقطاع تغذيته من الأرض، وحصاده وتحطمه، يشبه حالة الموت في الأحياء، ثم إن السنة الكونية الدائمة الظاهرة المشاهدة في عملية انشقاق الحبوب في بطن الأرض، ونباتها بعد ما سبق من حالتها التي تشبه حالة الموت، وعودتها إلى الحياة والنضر كرَّة أخرى، وذلك عند وجودها في البيئة الملائمة من ماء ممتزج بالتراب الصالح، لتعطي تقريراً حسياً مشاهداً باستمرار في الظواهر الكونية لقصة بعث الحياة بعد موت الأجساد الحية، وتفرُّق أجزائها في تراب الأرض ز

وقد نبَّه القرآن على هذا الشاهد الكوني الذي يقرب إلى تصور أصحاب هذا التوهم إمكان الحياة الأخرى، وأنها تشبه عودة الحياة إلى الزروع والنباتات بعد جفافها وما يشبه حالة الموت فيها.

فقال الله تعالى في سورة (الحج/22 مصحف/103 نزول) :

{وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَآءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُل زَوْجٍ بَهِيجٍ * ذالِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُل شَيْءٍ قَدِيرٌ}

وقال أيضاً في سورة (الروم/30 مصحف/84 نزول) :

{فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْييِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}

وقال أيضاً في سورة (فصِّلت/41 مصحف/61 نزول) :

طور بواسطة نورين ميديا © 2015