(1)
اعتمد الناقد (د. العظم) في إنكار الآخرة، والبعث بعد الموت للحساب والجزاء على أقوال (برتراند رسل) (?) ، وزعم أن أقواله تلخيص للنظرة العلمية حول هذا الموضوع، مع أن (رسل) لم يقدم في كلامه إلا مجرد النفي الذي لا تدعمه أدلة علمية، ومعلوم أن النفي المجرد عن الأدلة المصححة للنفي يستطيع أن يفعله أي إنسان، إذ يستطيع أن ينفي به أية حقيقة من الحقائق، فهو لا يكلف صاحبه إلا أن يقول: (لا) ، أو يرفع رأسه إلى أعلى إشارة للنفي، لكنه بذلك يخسر أصل إنسانيته التي زانها العقل السليم، والمنطق المحاكم للأمور بميزان مستقيم.
قال (العظم) في الصفحة (27) من كتابه:
"وفي مناسبة أخرى عندما سئل (رسل) : هل يحيى الإنسان بعد الموت؟ أجاب بالنفي، وشرح جوابه بقوله: عندما ننظر إلى هذا السؤال من زاوية العلم وليس من خلال ضباب العاطفة نجد أنه من الصعب اكتشاف المبرر العقلي لاستمرار الحياة بعد الموت. فالاعتقاد السائد بأننا نحيا بعد الموت - يبدو لي - بدون أي مرتكز أو أساس علمي. ولا أظن أنه يتسنى لمثل هذا الاعتقاد أن ينشأ وأن ينتشر لولا الصدى الانفعالي الذي يحدثه فينا الخوف من الموت. لا شك أن الاعتقاد بأننا سنلقى في العالم الآخر أولئك الذين نكنُّ لهم الحب يعطينا أكبر العزاء عند موتهم، ولكنني لا أجد أي مبرر لافتراض أن الكون يهتم بآمالنا ورغباتنا، فليس لنا أي حق في أن نطلب من الكون تكييف نفسه وفقاً لعواطفنا وآمالنا، ولا أحسب أنه من الصواب والحكمة أن نعتنق آراء لا تستند إلى أدلة بينة وعلمية".