وقال الإمام مالك -رحمه الله-: ((مَنِ ابْتَدَعَ فِي الْإِسْلَامِ بِدْعَةً يَرَاهَا حَسَنَةً فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - خَانَ الرِّسَالَةَ)) (?).

فتدبر قَوْلَهُ: ((يراها حسنة)).

وكل مبتدع يرى بدعته حسنة!

وهكذا يكون الابتداع بالاستحسان.

وإذا اجتمعت عناصر الابتداع -من جهل، وغفلة عن معنى الاتباع، وخطورة الابتداع- مع عوامله -من حسن نية، وتزيين- أصبح صاحبها في كل وادٍ يَهِيمُ .. وفي كل اتجاه يتوجه .. كُلَّمَا حَلَتْ له فِكْرَةٌ طار بها .. وكلما زُيِّنَ له رأي لَهَثَ وراءه .. دون بصيرة تُنِيرُ، ولا اتباع يضبط .. وهو يظن أنه يحسن صنعًا.

قال الشاطبي رحمه الله تعالى:

((فَصَاحِبُ الْبِدْعَةِ لَمَّا غَلَبَ عَلَيْهِ الْهَوَى مَعَ الْجَهْلِ بِطَرِيقَةِ السُّنَّةِ تَوَهَّمَ أَنَّ مَا ظَهَرَ بِعَقْلِهِ هُوَ الطَّرِيقُ الْقَوِيمُ دُونَ غَيْرِهِ .. فَهُوَ ضَالُّ مِنْ حَيْثُ ظَنَّ أَنَّهُ رَاكِبٌ لِلْجَادَّةِ)) (?).

وإذا جَهِلَ المرء دينه، وَحَسُنَتْ نِيَّتُهُ أفسد دينه ببدع العبادات .. وإذا فسد قصده حاول هدم الدين بالأفكار والآراء.

والله الهادي إلى سواء الصراط.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015