وسار التابعون ومن سلك سبيلهم على هذا المنهج القويم في محاربة الابتداع أَيًّا كانت صورته، وَأَيًّا كان مقصده.

وَذِكْرُ مواقفِهِمْ يطول ويطول، وَحَسْبُ الْمُتَّبِعِ العاقلِ الراشدِ ... الموقفُ والموقفان من إمام أو إمامين.

((ثَوَّبَ (?) المؤذنُ بالمدينة في زمان مَالِكٍ ..

فقال له: ما هذا الذي تفعل؟

قال: أَرَدْتُ أن يعرف الناسُ طلوعَ الفجر ..

فقال: لا تفعل، لا تُحْدِثْ في بلدنا شيئًا لم يكن فيه، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذا البلد عشر سنين، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، فلم يفعلوا هذا.

فَكَفَّ المؤذن، ثم إنه تنحنح في المنارة.

فقال له مالك: ما هذا الذي تفعل؟

قال: أردت أن يعرف الناس طلوع الفجر ..

فقال: ألم أَنْهَكَ أَلَّا تُحْدِثَ عندنا ما لم يكن؟

فقال: إنما نهيتني عن التثويب ..

ثم جعل يضرب الأبواب، ثم قال له ما قال في المرة الأولى .... وأجاب بما أجاب في المرة الأولى)).

فانظر -يا أخا الاتباع، يا من يريد الرشد- إلى هذا الإمام العظيم، وقد جعل النحنحة -وهي صوت يُخْرِجُهُ الإنسان من حنجرته بلا حروف- بدعةً، وَزَجَرَ فَاعِلَهَا ..

أم يُقَالُ: إن الإمام مالك ((متنطع))، ((سطحي التفكير))، ((بدوي الفقه))، ((متطرف))؟ ! !

وإذا كان هذا قوله في ((النحنحة)).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015