خيبر مما أفاء الله علي رسوله؛ خمّسها رسول الله وقسّمها بين المسلمين، ونزل مَنْ نزل من أهلها علي الإجْلاء بعد القتال؛ فدعاهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن شئتم دفعنا إليكم هذه الأموال علي أن تعملوها؛ وتكون ثمارها بيننا وبينكم؛ وأقِرُّكم ما أقرَّكم الله. فقبلوا، فكانوا علي ذلك يعملونها. وكان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يبعث عبدَ الله بن رواحة فيَقْسِمُ ثمرَها، ويعدل عليهم في الخرْص؛ فلما تَوفّي الله عزَّ وجلّ نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - أقرَّها أبو بكرِ بعد النبيّ في أيديهم علي المعاملة التي كان عاملهم عليها رسول الله حتى توفِّيَ، ثم أقرَّها عمر صَدْرًا من إمارته؛ ثمّ بلغ عمرَ أنِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في وجَعِه الذي قبض فيه: لا يجتمعنّ بجزيرة العرب دينان، ففحَصَ عمر عن ذلك حتى بلّغه الثَّبَتُ، فأرسَلَ إلي يهود أنّ الله قد أذِنَ في إجلائكم؛ فقد بلغني أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يجتمعنّ بجزيرة العرب دينان، فمن كان عنده عها من رسول الله فلْيأتني به أنفذه له؛ ومَنْ لم يكن عنده عهدٌ من رسول الله من اليهود فليتجهَّزْ للجلاء، فأجلي عمر مَنْ لم يكن عنده عهد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم.
قال أبو جعفر: ثم رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلي المدينة (?). (3: 20/ 21).