رسول الله؛ ثمَّ نهض فقاتل قتالًا شديدًا؛ ثمَّ رجع فأخذها عمر فقاتل قتالًا شديدًا هو أشدُّ من القتال الأوّل؛ ثمَّ رجع فأخبر بذلك رسول الله، فقال: أما والله لأعطينَّها غدًا رجلًا يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، يأخذها عنوة - قال: وليس ثَم عليّ - عليه السلام - فتطاولت لها قريش، ورجا كلُّ واحد منهم أن يكون صاحب ذلك؛ فأصبح فجاء عليٌّ - عليه السلام - على بعير له، حتى أناخ قريبًا من خباء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أرْمد، وقد عصب عينيه بشقّة بُرْد قَطَرِيّ؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما لك؟ قال: رمِدْتُ بعد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ادنُ منّي، فدنا فتَفَل في عينيه، فما وجعهما حتى مضى لسبيله. ثمَّ أعطاه الراية؛ فنهض بها معه وعليه حُلة أرجوان حمراء قد أخرج خَمْلُها. فأتى مدينة خيبر؛ وخرج مرحب صاحب الحصين وعليه مغْفرٌ مُعَصْفرٌ يمانٍ، وحجرٌ قد ثقَبه مثل البيضة على رأسه، وهو يرتجز ويقول:
قد علمت خيبر أنِّي مرحبُ ... شاكِي السِّلاحِ بَطَلٌ مجرَّبُ
فقال عليٌّ - عليه السلام -:
أنَا الذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيدَرَهْ ... أكيلُكم بالسيفِ كيل السنْدَرَهْ
لَيثٌ بغابات شَدِيدٌ قَسْوَرَهْ
فاختلفا ضربتين؛ فبدره عليٌّ فضربه، فقدَّ الحجرَ والمِغْفرَ ورأسَه؛ حتى وقع في الأضراس. وأخذ المدينة (?). (3: 12 - 13).