باب مجلس إسحاق، قال لي: ما لك يا ترك؛ أتريد أن تتكلم بشيء؟ قلت: نعم، قال لي إيتاخ كذا، كذا، قال: وكانت وظيفة إيتاخ رغيفًا وكوزًا من ماء، ويأمر لابنيه بخوان فيه سبعة أرغفة وخمس غُرف؛ فلم يزل ذلك قائمًا حياة إسحاق، ثم لا أدري ما صنع بهما؛ فأما إيتاخ فقُيِّد وصُيِّر في عنقه ثمانون رطلًا، وقَيْدٌ ثقيل، فمات يوم الأربعاء لخمس خلوْن من جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين ومائتين، وأشهد إسحاق على موته أبا الحسن إسحاق بن ثابت بن أبي عباد وصاحب بريد بغداد والقضاة، وأراهم إياه لا ضَرْبَ به ولا أثر.
وحدثني بعض شيوخنا أن إيتاخ كان موته بالعطش، وأنه أطعِم فاستسقى فمنع الماء، حتى مات عطشًا، وبقي ابناه في الحبس حياةَ المتوكل، فلما أفضَى الأمر إلى المنتصر أخرجَهما؛ فأما مظفّر فإنه لم يعش بعد أن أخرج من السجن إلا ثلاثة أشهر حتى مات؛ وأما منصور فعاش بعده.
* * *
وفي هذه السنة قدم بُغا الشرابيّ بابن البَعيث في شوّال وبخليفته أبي الأغرّ وبأخوَي ابن البعيث صقْر وخالد - وكانا نزلا بأمان - وبابن لابن البعيث، يقال له العلاء؛ خرج بأمان، وقدم من الأسرى بنحو من مائة وثمانين رجلًا، ومات باقيهم قبل أن يصلوا، فلمّا قربوا من سامراء حُملوا على الجِمال يستشرفهم الناس، فأمر المتوكل بحبسه وحبسهم، وأثقله حديدًا.
فذُكر عن عليّ بن الجهم، أنه قال: أتي المتوكل بمحمد بن البعيث، فأمر بضرب عنقه، فطرِح على نِطَع، وجاء السيَّافون فلوّحوا له، فقال المتوكّل، وغلظ عليه: ما دعاك يا محمد إلى ما صنعتَ؟ قال: الشقوة، وأنت الحبل